إلى من يهمه الأمر في دولة الإمارت

  •  
  • 2012-05-12
    الإمارات الان
    من المفارقات أني كتبت هنا قبل التربوي الأردني الدكتور محمد عبدالحليم قطيشات في أبو ظبي دفاعا عن حق الإمارات في جزرها، مهاجما الغطرسة الإيرانية ونفاق القومويين العرب في التعامل معها. وهذا يعفيني من التفصيل في موقفي الإيجابي من الدولة التي تصنف بأنها بلا أعداء، وسبق لي أن كتبت من سنوات عن الدولة الصغيرة باعتبارها قصة نجاح اقتصادي. كل ذلك دون أن تكون لي أي مصلحة شخصية، فقد عملت مع مؤسسات خليجية سعودية وقطرية، ولم يسبق أن عملت مع مؤسسة إماراتية.
    المفارقة الأسوأ أن الدكتور محمد الذي مضى على اعتقاله أسبوعان هو ابن خالتي. وهو أخ وصديق قبل أن يكون قريبا. وأعرف تماما أنه شخصية إيجابية لا تحمل إلا الخير للإنسانية ونموذج للتربوي الراقي، وفي خدمته خلال اثني عشر عاما في الإمارات لم تسجل عليه أي مخالفة أو ملاحظة . في غضون هذه السنوات كان غارقا في مهامه التربوية مع حكومة أبو ظبي، ومع أسرته المكونة من خمسة أطفال، واليوم صارت طفلته الكبيرة طالبة في كلية الهندسة في الجامعة الأردنية، وأسامة يقدم الثانوية العامة ووالده رهن الاعتقال.
    خلال أسبوعين لم تدخر عائلته وسعا في الاتصال والتوسط دون أن تعرف شيئا عنه. وهنا تلام الحكومة الأردنية التي يفترض أن تتابع قضايا أبنائها حتى ولو كانوا متهمين في أخطر القضايا. لقد كتبت هنا عن تقصير السفارة الأردنية في جدة في التواصل مع أردني حكم بالإعدام بتهمة تجارة المخدرات. وتقتلك المقارنة كيف تتعامل السفارات الغربية مع أبنائها وتصر على معرفة التهم وحضور المحاكمة للتأكد من تلقيهم معاملة عادلة تراعي حقوق الإنسان.
    لم يقم ذوو محمد بتحشيد الأهل والعشيرة وأبناء السلط من أجل معرفة مصير ابنهم، بل طرقوا كل الأبواب دون نتيجة. وهم يريدون عنبا لا مقاتلة الناطور. وهم مدينون لدولة الإمارات التي وفرت فرص عمل وعيش كريم لابنهم طيلة هذه السنوات. وإن كانت السلطات الأمنية في الدولة المضيفة رأت فيه ضيفا غير مرغوب فيه كما حصل لعدد محدود خلال العامين الماضيين فهذا من حقها، وهو يعود إلى بلده ويكمل مسيرة حياته.
    يختلط الخاص بالعام هنا. فلم أتردد في التضامن مع أي معتقل أردني لا في بلده ولا في خارجه، سواء كان متهما قد تثبت براءته أو مدانا مجرما. فهو إنسان مستضعف في قبضة السلطة الأقوى. وفي الغربة تكون المأساة مضاعفة. يزداد الضغط علي وأنا أرى صورة أطفاله أو صورة خالتي وهي في السبعين لا تعلم ماذا تقول لأحفادها عن والدهم.
    إني مؤمن ببراءة الدكتور محمد قطيشات، وأعلم أن للدول حساباتها، قد تخطئ وقد تصيب، وإن كان قد أخطأ فالسجن أسبوعين والضرر الذي لحق به وبعائلته كاف. والمأمول من دولة الإمارات أن تكفكف دموع أمه وأطفاله. والمطلوب من الدولة الأردنية أن ترعى أبناءها وتتابع قضاياهم، وهذا لا يهدد علاقاتها بدولة الإمارات، على العكس العلاقة المميزة مع الإماراتيين تتيح فرصة للتوسط الهادئ الذي يحفظ الود والاحترام.


    *صحيفة الغد الأردنية
     



  •