لست من الاخوان لكنني من المسلمين

  •  
  • 2012-04-29
    الإمارات الان
    التهاويل أصغر من أن يرد عليها، ومن دونها الترهات الا ان ترقى الى احتمال وصولها موضع الشبهة، واقول احتمالا، لأن ما أود كتابته لن يرقى ان يكون رداً ولأن ما سأتكلم عنه ضرباً من التهاويل والتزاييف لم يرق الى «شرف» الوصول الى حد الشبهة كي يلتفت للرد عليه.
    لكنني سأترك لقلمي العنان دون إعمال فكر أو روي يتولى «شطب» ما اعتبره الاستاذ وليد الجاسم في مقاله «فوبيا الاخوان» بصحيفة «الوطن» الجمعة 2012/4/20 اموراً لو تم السكوت عنها سيكون ذلك دليلاً على صحتها، مما ذكره ضيف الاستاذ أحمد الفهد ببرنامجه اليوم السابع..
    أقول لا شك ان ما يأنف الضيف السعودي من تسميته الربيع العربي قد احدث «ارتجاجا» في المخ للحكومات العربية تسبب بالشلل لبعضها والباقي في انتظار «حالة الاستقرار» لتلقي العلاج، لكن المقطوع به والمشاهد ان «المريض» لن يعود لطبيعته قبل الارتجاج.
    ومن قصور النظر ان يعتقد البعض ان الربيع العربي هو حراك اسلامي بتنظيم اسلامي، بل هو حراك شعوب غالبيتها الساحقة مسلمة، شاءت هي او قضت الظروف أن يتولى تنظيمها – بعد تحركها لا قبله - اسلاميون لوجود الغالبية المسلمة الساحقة، ولوجود تنظيماتها المغيبة الاقدر على التنظيم، وذلك لأنه لو كان حراكاً اسلامياً محضاً لسهل القضاء عليه كالعادة بواسطة حكومة الدولة دون حاجة للاستعانة بغيرها، ولما كان الحراك – اعني الربيع العربي - شعبياً مسلما لا يملكون له ضرا، ولما بات الاسلام حقيقة لا يملك الغرب انكارها او الكذب عليه امام شعوبها بفضل شركة «apple» ومثيلاتها، صار على الغرب لزاماً خياران يختارهما لا احدهما «التعامل والتآمر».. التعامل مع الواقع، والتآمر محاولة اخيرة للتخلص من هذا الواقع.
    ولذا نجد حدثين لصورة واحدة:
    التعامل لتقاسم المصالح مع الاسلام بصفته واقعاً بالنسبة لحوادث ليبيا.
    والتآمر للحد من تقاسم هذه المصالح بالنسبة لحوادث سورية.
    ومما يحدث قريباً من ذلك مما يخدم التآمر، ما يخوض البعض فيه هذه الايام جاعلين من انفسم قضاة على اناس أفضوا الى ما عملوا وأناس ما زالوا يعملون، يكيلون لهم التهم جزافاً ويتكلمون في تهاويل قامت بعقولهم قصر ان تجاوزها الى عقول غيرهم، أنبتها «ما استنبتوا» عليه من منظومة الطاعة المطلقة لولي الأمر، وتجذر هذه المنظومة بينهم حتى غدت طاعة «بريمر» الأمريكي واجبة بصفته ولي امر العراق حين احتلها الأمريكان!!
    وهكذا تسترذل الشعوب وتستنوق فحولها بهذه الدعوة المكيافيلية التي «استنبطها» هؤلاء فيما يزعمون من الكتاب والسنة وعمل السلف.
    هذا فرش لابد منه لبيان كيفية تفكير هؤلاء «السلطانيين» وما تنبني عليه تهاويلهم وينشأ عنه سرابهم.
    ولنرجع الى «شطب» ما تصور الاستاذ وليد الجاسم ان السكوت عنه يمكن ان يكون دليلاً على صحته، وان كنت دائماً ارى ان الرد بعدم الرد، ابلغ في الرد وخاصة فيما يشبه ما أنا الآن بصدده.
    يعيب الشيخ ضيف برنامج «اليوم السابع» على منهج الاخوان ويشكك بصدق دعوتهم ويستدل فيما يلي الى ما يذهب اليه فيقول:
    «بعض اخوان الكويت عارضوا حالة الضرورة التي كانت تفرض الاستعانة بالكفار لتحرير الكويت من الغزو لكنهم الآن يطالبون بالاستعانة بالكفار من اجل دول اخرى مثل سورية وليبيا وغيرهما…».
    علي التسليم بقول الشيخ وانا على يقين انهم لم يعترضوا بل الذي اعترض بعض اخوان مصر، فماذا عن الموافقين من الاخوان على هذه الاستعانة، وهل يلزم الاختلاف في وجهات النظر العيب والقدح والتشنيع على المنهج!! لا شك وانت سلفي تعلم ان كثيراً من الاخوة السلفيين على خلاف منهجك، فماذا لو جاء احدهم يقيس على قياسك فما تقول..؟!
    ويقول كذلك معيبا على الاخوان:.. «الاخوان يستعطفون الناس بأمور هم انفسهم انقلبوا عليها الآن، فهم يمدون الجسور اليوم مع امريكا والغرب ومع من يدعم اسرائيل على الرغم من انهم كانوا يستعطفون الناس بفلسطين والتبرع لها..».
    انا أربأ بالشيخ استخدام مثل هذه الالفاظ والمفردات لأن لفظ «الاستعطاف» لا يصح ان يستخدم ليلمز به من يعمل في سبيل الله لسد حاجة شعب مسلم اعزل.. ثم بالنسبة لقوله «مد الجسور» أليست الضرورة يقدرها الظرف الكائن وان ما كان ضرورة في ظرف لا يلزم ان يكون ضرورة في آخر؟.
    ثم ما تقول في من جسوره ممدودة قائمة مع امريكا والغرب من حكومات الخليج؟
    نرجو من فضيلتك رأيا صريحا في ذلك كصراحة رأيك في الاخوان.
    ويقول كذلك: «الاخوان المسلمون يعتمدون منهجا خبيثا لتحريض الناس».
    لا اعلم اين تختفي الجرأة والشجاعة بانتقاء مثل هذه الالفاظ في الانكار «لو وجد» على حكومات الاسترذال واستعباد الشعوب ليستبدل مكانه الدعاء لها والنصح في السر!!. حبذا لو تبرعت لاخوانك اصحاب «المنهج الخبيث» ببعض ما تدعو به لهذه الحكومات لعله ان يكون طيبا!!
    ويقول كذلك معيبا: «وترتكز منهجيتهم على اسلوب تضخيم الاخطاء وستر المحاسن وستر المآلات». حبذا لو بيّن لنا الشيخ بعض هذه الاخطاء المضخمة في نظره والمحاسن المستورة.
    ثم ما «ستر المآلات» هذا..؟! أيكون من يتبرع لله بنفسه للوقوف في وجه الطاغوت لا يعلم ما مآلات ذلك؟، اللهم الا ان يكون ممن يسبح للسلطان، فهذا قطعا لا يعلم الا مآلات المنتفعين من حاشيته.
    ثم قام الشيخ يعرض صورة للشيخ القرضاوي يصافح فيها بشار الاسد سعيدا ووصفه «بالذليل» وتساءل «هل بشار الاسد قبل الربيع العربي غير بشار الاسد بعد الربيع العربي..».
    فضيلة الشيخ لقد صافحت كل حكومات الخليج «واجبة الطاعة المطلقة» بشار الاسد قبل الربيع العربي ثم انقلبت عليه بعده.. فهل تجرؤ فضيلتك على ان تصفها بالذليلة!!
    وعاب كذلك على الشيخ العريفي حضوره حفلا اقامته عائشة القذافي لحفظة القرآن، وعاب عليه مرة اخرى الدعاء للقذافي قبل الربيع العربي ثم تحوله عن ذلك الآن.
    وما الضير فضيلة الشيخ في حضور الشيخ العريفي حفلا للقرآن أقامته ابنة القذافي؟!
    هل «ينسخ» الربيع العربي جوازه؟ أو جواز الدعاء للقذافي؟ أوليس سلطانا مطلق الطاعة؟!
    ويقول كذلك: «الاخوانية خدعة» ولهذا كان المجلس التأسيسي للاخوان المسلمين فيه نصارى لكنهم يرفعون اليوم الحكم بالشريعة بينما هدفهم تحقيق مخططات واجندات اخرى..».
    لا اعلم كيف يبيح هذا الشيخ لنفسه استباحة مثل هذه الالفاظ لاخوانه ولكنه.. «الاناء»!!
    ويستدل لذلك بوجود نصارى في المجلس التأسيسي!!
    فضيلة الشيخ وهل خلت حكومة من حكومات الخليج اثناء تأسيسها من الاعتماد على النصارى كشكسبير ونوكس وبرسي كوكس؟، اللهم الا ان يكونوا «مسلمين»، والا فستكون هذه الحكومات خدعة.. هل تجرؤ فضيلة الشيخ!!
    ثم يكمل فيقول: «لكنهم - أي الاخوان - يرفعون اليوم شعار الحكم بالشريعة بينما هدفهم تحقيق مخططات واجندات اخرى..».
    فضيلة الشيخ، من أنبأك هذا، وأينك من قول النبي صلى الله عليه وسلم لاسامة: هلا شققت عن قلبه، فهلا شققت عن قلوب الاخوان لتخرج لنا مخططاتهم واجنداتهم البديلة للشريعة؟!
    ثم ما دليلك على هذا القذف الصريح؟؟ هل اخبرك به «الثقة» من إعلام حكوماتنا العربية؟!
    ثم هل نجت حكومات الطاعة المطلقة مما لم ينج منه اخوانك المسلمون؟!
    ما اجدر ان ينطبق على هؤلاء النقاد القعدة قول الحطيئة حين يقول:
    أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمُ
    من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
    وبعد.. فهذا بعض ما جرى به قلمي وبعض ما عف عنه، وددت اني وجدت من يكفيني مؤنته.
    وحيث لم يكن فلا اقل مما أكون قد بادرت.

    *الوطن الكويتية


  •