مرضى التوحد في الإمارات ..قصة معاناة

  •  
  • 2012-04-23
    الإمارات الان ايماسك /متابعات/
    كشف مركز الإمارات للتوحد عن إرتفاع نسبة مرضى التوحد في الدولة بين الأطفال حديثي الولادة إلى حالة كل 110 مواليد بنسبة 0.9%  وبحسب المركز فهي أقرب إلى النسب العالمية لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أتلانتا بالولايات المتحدة الأمريكية .
    والتوحد هو حالة من حالات الإعاقة التى لها تطوراتها، وتعوق بشكل كبير طريقة استيعاب المخ للمعلومات ومعالجتها.
    كما أنها تؤدى إلي مشاكل في اتصال الفرد بمن حوله، واضطرابات في اكتساب مهارات التعلم والسلوك الاجتماعى
    وتعتبر نسبة التوحد هي الأعلى بين نسبة الإعاقات في العالم ، وبسبب الخجل الاجتماعي تخفي بعض الأسر وجود طفل مصاب لديها ، وهذا ما يعتبر جرماً بحق الطفل لعدم تمكنه من تلقي العلاج المناسب
     Ø¥Ø±ØªÙØ§Ø¹ النسبة بدون مراكز كافية 
    تشكو مراكز علاج مرضى التوحد بالدولة من قلة المراكز مقارنة بنسبة عدد المصابين بالتوحد 
    ويشار إلى أن عشرات الأسر تصرّ على إبقاء أبنائهم المتوحدين في المنزل، بسبب ارتفاع كُلفـة تدريب أطفالهم على التواصل والتخاطب، وأيضا لعدم وجود كوادر مؤهلة في الدولة.
    وأكد مركز الإمارات للتوحد وجود نقص حاد في عدد مراكز التوحد في الدولة، وعدم وجود كوادر مؤهلة، ما يضطر المراكز إلى الاستعانة بمتخصصين من الخارج فتزيد التكاليف بشكل باهظ .
    وناشد مركز الإمارات -في تصريحات صحفية سابقة - جميع هيئات الدولة ومؤسساتها وأفرادها للقيام بدورهم في المشاركة في المسؤولية المجتمعية، خصوصاً تجاه هذه الفئة نظراً لحاجتها إلى مراكز متخصصة تقدم خدمات نوعية متميزة، هي في أمس الحاجة إليها وللتكاليف الباهظة التي تتحملها هذه المراكز.
    ويحتاج مريض التوحد إلى مدرب خاص به، ما يستلزم وجود مدرب لكل حالة، وهو ما يزيد من كلفة مصروفات مراكز التدريب، شارحة أن مصروفات الطفل تبدأ في المراكز الخاصة بـ75 ألف درهم إماراتي.
    وتوجد ستة مراكز توحد خاصة في الدولة تستوعب نحو 400 طالب، وقوائم الانتظار تفوق هذا الرقم بكثير لكنها غير معلنة، بالإضافة إلى أن بعض العائلات ترسل أبناءها للعلاج في الخارج، والبعض الآخر ينكر الأمر لعدم رغبته في أن يعرف أحد أن لديه طفلاً مصاباً بالتوحد.
    ولعل من الجرائم التي ترتكبها الدولة في حق هذه الإعاقة  عدم وجود كوادر مؤهلة في الدولة، واضطرار المراكز الى الاستعانة بمدربين متخصصين في هذا المجال، عبر استقدامهم من الخارج وتوفير إقامة ورواتب لهم، ما يكلفها أموالاً طائلة
    مراكز خارج إطار الرقابة 
    ولعل من المحزن أن هناك مراكز خاصة للتوحد ليست ضمن الرقابة من الدولة وليست تحت رعاية جهات محدده ØŒ وهذا ما يجعل بعض مراكز علاج التوحد عرضة إلى الاختلاسات المالية وزيادة مايسمى "دكاكين" علاج أمراض التوحد لغير ذوي لاختصاص والخبرة في ذات المجال ,Ùˆ يقع على المجتمع ومؤسساته الدور الأكبر في مساعدة هذه المراكز تحت الرقابة  لاستكمال دورها الإنساني.
    عبارات من أهالي مرضى التوحد
    قالت (أم ياسين) إن لديها طفلاً (أربع سنوات) يعاني اعراض التوحد، ونتيجة طول قوائم الانتظار في مركز دبي للتوحد لم أتمكن من علاجه حتى الآن، لافتة إلى أن «كلفة العلاج في المراكز الخاصة تفوق قدرة الأسرة، ما اضطرني الى الذهاب الى المركز والسؤال عن كيفية التعامل مع طفلي لمساعدته، ولكن نتائج الاستجابة ضعيفة جداً لعدم تخصصي، ووقوفي عاجزة عن الفهم والتصرف في العديد من المواقف».
    وأوضح المواطن سامي راشد انه عانى من اجل ان يلحق ابنه بمركز للتوحد، خصوصاً انه لم يكن يعرف كيف يتعامل معه، مطالباً بضرورة زيادة الإنفاق الحكومي على مراكز الإعاقة ودعمها مالياً، وادراج تخصصات التوحد في فروع الجامعات الوطنية لتأهيل مواطنين متخصصين في مجالات رعاية المعاقين.
    وأكدت والدة احد المصابين بالتوحد، (ام سلام)، انه لولا مشاركة صندوق الزكاة في تحمل نصف تكاليف علاج ابنها لما استطاعت ضمه إلى المركز، مشيرة إلى أنها تعرف العديد من أصحاب الحالات التي لا يجد ذووهم مراكز تضمهم او قدرة مالية على علاجهم.

    الخجل الإجتماعي سبب اللا إحصائيات
    بسبب الخجل الاجتماعي وإخفاء معلومات الإصابة من قبل الأسر، يسهم هذا الخجل من  انتشار المرض ويؤخر فرص علاجه وفي هذا الإطار تقوم هيئة الإمارات للهوية الوطنية تلزم المواطنين ضمن شروط الحصول على البطاقة الادلاء بمعلومات صحيحة حول الإعاقات Ùˆ الأمراض في الأسرة، الأمر الذي يسهم في عمل قاعدة بيانات حديثة بالإعاقات والأمراض في الدولة
    ومع ذلك لا يتحدث المسئولون في الدولة عن إحصائيات حتى شبه دقيقة عن حالات مرضى التوحد في الدولة  في إطار إهمال معتمد لهذا المرض.
    ويشار إلى ان الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد لا يمكن ملاحظة إصابتهم من قبل الأسرة، الأمر الذي يؤخر علاجهم، خصوصاً أن اكتشاف الاضطراب يتم غالباً بعد التحاق الطفل بالمدرسة والاحتكاك بأقرانه
    أعراض التوحد 
    أعراض التوحد تتفاوت حسب الأطفال، لذلك لا تظهر العلامات المجتمعية عليهم، منها المهارات اللفظية والسلوكية والتفاعل الاجتماعي لافتة إلى أن «طفل التوحد غالباً ما يميل إلى العزلة وفتور المشاعر، والارتباط غير الطبيعي بالأغراض مثل الدمى، في المقابل يمكن لطفل التوحد أن يصبح عبقرياً ويبدع في مجالات الرياضيات والفيزياء إذا ما تلقى العلاج المناسب والمخصص لحالته، خصوصاً أن طفل التوحد يمتاز بالذكاء الحاد
    في الجانب الحكومي قالت  وزارة الشؤون الاجتماعية إن هناك 36 معياراً ينبغي مراعاتها عند تحديد الإصابة بالتوحد من عدمها، نافية صحة تقارير تشير إلى زيادة أعداد المصابين باضطراب التوحد.
    وبحسب وزارة الشؤون الاجتماعية "زيادة عدد المرضى نتيجة لتطور أساليب الكشف، وزيادة الاهتمام بالتوحد، وليس لوجود زيادة فعلية».  
    ويمكن الحديث عن زيادة نسبة الإعاقات المتأثرة بالظروف الخارجية، مثل الطفل الكحوليّ، أو بعض الإعاقات الناتجة عن تأثير الإشعاعات النووية، ونلفت إلى أن التوحد ومتلازمة داون ليسا من تلك الإعاقات، ولم يحدث أي تغيير في نسبهما. وأن نسبة كبيرة من الأطفال المشخصين بالتوحد ليسوا مصابين باضطراب التوحد فعلا، بل بإعاقات ذهنية مختلفة، لكنهم يسجلون في الكشف الطبي على أنهم يعانون سمات توحديه، والحقيقة أن الأمر مختلف كليا عن التوحد، وذلك لعدم انطباق المعايير التشخيصية المسجلة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية عليهم.
    .
    وبسبب  النمو الاقتصادي في الدولة أدى  التنوع السكاني، واستقطاب آلاف الأسر، ما نتج عنه ارتفاع عدد حالات التوحد المشخصة في الدولة تناسبا مع زيادة عدد السكان، ومن خلال تسليط الإعلام الضوء على التوحد وتوعية الأهالي زاد من إقبالهم على التشخيص الطبي الذي كان يعالج في الماضي على اعتباره مصابا بـ«العين» أو «الحسد» أو «المس».

    36 معياراً 
    تطابق معايير مختلفة من أصل 36 معيارا موزعة على ثلاث مجموعات رئيسة، اجتماعية ولغوية، تتعلق بالتواصل والسلوك.
    وتشير الأدلة إلى وجود صفات مشتركة للمتوحد مع عدد من المعايير المسجلة في كل مجموعة، وليس كل مشكلة سلوكية أو لفظية أو غيرها يعانيها الطفل تدعى توحدا.
    ونبين  أن التوحد مرض وراثي لا يتأثر بالعوامل الخارجية حتى يمكن الإشارة إلى ظروف معينة أدت إلى زيادة في أعداد المتوحدين، كما قد يحدث في إعاقات أخرى، مثل ما يسمّى متلازمة الطفل الكحوليّ والناتج عن ثورة الانفتاح في الدول الغربية، وشرب نساء للكحول، ما أدى لزيادة كبيرة في عدد المصابين بهذا النوع من الإعاقة.
    وتشير  تقارير أخرى إلى زيادة في أعداد المصابين بمتلازمة داون، غير أن هذا التوصيف غير صحيح على الاطلاق، فالتطورفي البحوث الطبية أسهم في بقاء كثير من أصحاب متلازمة داون على قيد الحياة بعدما كان عدد منهم يموت بعد الولادة مباشرة بسبب مشكلات في القلب وغيره.
    كما أسهم التطور العلمي في زيادة متوسط العمر لهؤلاء المرضى، إذ لم يكن يزيد على 30 عاما، ما أدى إلى زيادة نسبة وجودهم وظهورهم في المجتمع، غير أن نسبة المواليد ثابتة عند معدل واحد من كل 7000 مولود.
    اضطراب متعدّد الأعراض
    مسمّى التوحد يستخدم لوصف الأطفال الذين تظهر لديهم سلوكيات خاصة وغير عادية في السنوات الثلاث الأولى من حياتهم، وتظهر هذه السلوكيات في:
    - المجال الاجتماعي: يُظهر الأطفال المصابون فقدان الاهتمام بالآخرين، والانعزال الاجتماعي، أو السلوك والتواصل الاجتماعي غير الطبيعي.
    - ضعف التواصل واللغة: يظهر المصابون اضطرابا شديدا في اللغة والتواصل بمظاهرهما المختلفة، بما في ذلك التواصل الشفهيّ وغير الشفهيّ، مثل الكلام الببغائي أو كلام الصدى (إعادة الكلام المسموع)، وعدم تطور اللغة والكلام أو اقتصار اللغة على أصوات بدائية أو العجز عن استخدام اللغة بغرض التواصل.
    - اضطرابات السلوك: يظهر المصاب بالتوحد مظاهر سلوكية غير عادية، مثل السلوك الروتيني النمطي الذي يتصف بالتكرارية. وبلإضافة إلى هذه العلامات، هناك مجموعة كبيرة من الأعراض تظهر على بعض الأطفال المصابين، وقد لا تظهر عند أطفال آخرين، مثل سلوك أذى الذات (عض اليدين وضرب الرأس على سبيل المثال)، أو التعلق بالأشياء الجامدة، مثل التعلق بعصى أو لعبة معينة أو رفرفة اليدين والمشي على أطراف الأصابع ومقاومة الاحتضان، حتى من أقرب الأشخاص لديه، مثل والدته أو أخوته، وقلة الإحساس مثل عدم الإحساس بالألم، وسلوكيات نمطية كثيرة مثل شم الأشياء بدل استخدامها أو لعق الألعاب عوضا عن اللعب بها.

    اضطراب نمائي
    أحد المسميات الحديثة والمقبولة على نطاق واسع عند الباحث، التي تستخدم لوصف اضطراب التوحد، هو استخدام مسمى «اضطراب نمائي»، إذ إن أعراض التوحد تظهر في السنوات الأولى من حياة الطفل في فترة النمو وتشمل عمليات نمو مختلفة وتكون هذه الأعراض واضحة في السن بين 24 ـ 30 شهرا.
    أما التوصيات الحديثة الصادرة عن الفيدرالية الفرنسية لاضطراب التوحد، فتشير إلى عدم إطلاق مسمى التوحد على الطفل قبل سن الثانية.
    قدرات خاصة
    ويشار  إلى أن التوحد يتميز بسمات خاصة تجعله مختلفاً عن الإعاقات الأخرى، إذ يلاحظ عند نسبة قليلة جداً من الأفراد المصابين بالاضطراب قدرات خاصة وعالية جداً على الرغم من وجود انخفاض شديد في مجمل قدرات الشخص المصاب.
    ونجد لدى البعض مهارات عالية جداً لا توجد لدى أفراد آخرين مثل القدرة على حفظ قوائم طويلة من الأسماء مع تواريخ الميلاد لكل اسم، أو القدرة على حفظ الإعلانات بالتلفاز باللحن والإيقاع نفسهما، كما أننا نجد لدى البعض قدرة على الرسم من الذاكرة، مع إضافة تفصيلات دقيقة جداً، مثل رسم مبنى مع رسم العدد الصحيح من النوافذ، ولدى البعض مهارات عالية في ألعاب التركيب أو الموسيقى»، و القدرات الخارقة موجودة عند نسبة لا تتجاوز 5٪ من المصابين
    كشف مبكر
    ويرى اختصاصيون أن التوحّد «اضطراب عصبي وليس مرضاً»، مشيرين إلى أنه تتفاوت أعراضه المتنوّعة من طفل إلى آخر. وعلى الرغم من أنه لم يتم التوصل حتى الوقت الحالي إلى علاج فعّال للتغلب على التوحّد، فإن متخصصين يؤكدون ضرورة التدخل العلاجي المبكر، الذي يعتمد على البرامج التدريبية لتطويـر المهارات المختلفة للمصاب بالتوحد، اجتماعية وسلوكية ولغوية، بالإضافة إلى النشاطات الجماعية التي تسهم في إخراج الطفل «التوحدي» من عزلته.
    وأشار مركز دبي لتطوير نمو الطفل في هيئة تنمية المجتمع في دبي، إلى أن التوحّد يصيب الذكور أكثر من الإناث بنسبة أربعة أضعاف تقريباً، وقال ان «علماء أثبتوا أنه اضطراب عصبي قد يحدث نتيجة لأسباب مختلفة، كالاضطرابات الأيضية، أو إصابات الدماغ قبل الولادة أو بعدها، ويظهر بوصفه إعاقة تطورية أو نمائية عند الطفل خلال السنوات الثلاث الأولى».
    ويضيف المركز «قد تؤدي العدوى الفيروسية لحديثي الولادة كالحصبة الألمانية للإصابة بالتوحّد، والتشنجات وبعض الاضطرابات الوراثية أيضاً في بعض الحالات، وبناء على ذلك يصنف في الـوقت الراهـن ضمن الاضطرابات الجسدية، وليس ضمن الاضطرابات الانفعالية، ولا يرتبط بعوامل عرقية أو اجتماعية».
    تشخيص وعلاج
    أما بخصوص تشخيص التوحّد، فأكدت مركز دبي  أنه لا توجد فحوص طبية مثل التحاليل المخبرية أو الإشعاعية، تثبت التوحّد أو تعتمد تشخيصـه، «والذي يتم من قبل اختصاصيين يقومون باعتماد أسئلة تشخيص التوحّد حسب مقياس (دبي إس إم 4) المعتمد عالمياً»، Ùˆ ليس هناك علاج فعّال للتوحّد، ونؤكد على ضرورة وأهمية التدخل العلاجي المبكر، والذي يعتمد على البرامج التدريبية لتطوير المهارات اللغوية والاجتماعية والسلوكية.
    ويركز الأسلوب العلاجي على النشاطات الجماعية تحت إشراف معلمين ومدربين يتولون توجيه الأطفال خلال ممارستهم للنشاطات البدنية المكثفة العالية التنظيم، ولا يسمح للطفل «التوحدي» بالانسحاب من النشاط للتقوقـع في عالمـه الخاص، وهـذا النشاط أعطى نتائـج إيجابيـة ـ حسب الملا ـ في ما يتعلق بتمكين أطفال التوحّد من المشاركـة والتفاعل في النشاطات الاجتماعية.
    وحول كيفية التعامل مع الطفل المصاب بمرض التوحّد، قال مركز دبي لتطوير نمو الطفل: «يواجه التوحدي صعوبة في إيصال أفكاره ورغباته إلى من يحيط به، ويحاول التواصل مع من حوله لكنه غالباً يفشل، لأنه لا يجيد استعمال اللغة التي يملكها بشكل مناسب، وفي الوقت نفسه غالباً ما يفشل في استعمال بدائل اللغة مثل حركات الجسم وتعابير الوجه»، ونوضح  إلى ان ذلك قد  يؤدي إلى إحباط التوحدي، ويزيد من ميوله إلى العزلة، ويؤدي أيضاً إلى تفاقم السلوك غير المقبول لديه وكذلك نوبات الغضب، فقد يلجأ إلى إيذاء الآخرين أو إيذاء نفسه فتجده يشد شعره أو يضرب رأسه بالحائط أو يعض نفسه.
    وننبه إلى أن المعرفة الجيدة بطبيعة المرض، توضح للأهل والمجتمع المحيط بالطفل سبب تصرفاته، ما يسهّل التعامل معه بأسلوب علمي مدروس يخفف أعراض المرض وشدته، ويخلق بيئة مناسبة لاكتساب المهارات اللغوية وكيفية التواصل، وتجنب السلوك غير المرغوب قدر الإمكان، الأمر الذي يهيئه للدخول إلى المجتمع والتعامل معه بشكل أفضل.



  •