دروس المنْفى.. الغنوشي وآخرون

  •  
  • 2011-11-08
    الإمارات الان

    اذا جاز لي أضع عنوانا لما جاء في تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" بشأن وضع الحريات في الامارات فلن اتردد في تسميتها "اكرام العامل وقمع المواطن" ,على الاقل فذلك ما استشعرته وانا أقرأ تقرير المنظمة حول الامارات , وحتى نلتزم بالحيادية في تفنيد التقرير فنقول أجمل ماتضمنه التقرير هوثناءه على التحسن الحاصل في أوضاع العمالة الاجنبية وإصدار الحكومة أنظمة جديدة لحماية العمال وهذا مما يسعدني كمواطن , لكن الخبرالسيئ الذي حيرني هو انتقاد المنظمة لإجراءات الحكومة في تقييد حقوق المواطنين في التعبير عن أنفسهم وفي تشكيل الجمعيات المستقلة.


    لقد عشنا الآونة الأخيرة فصول قصة تقرير تلك المنظمة, والتي تظهر حقيقة ما يعانيه احرار الوطن , وتبدى ذلك بالصوت والصورة عبر اقتحام جهاز الامن مقر مؤتمر المنظمة المعنية بحريات الناس ووقف اللقاء الصحفي لعرض التقرير بحجة عدم الحصول على الترخيص لذلك,ولا اعلم من سمح بإصدار تأشيرة دخول الدولة لموظفي المنظمة أم تسللوا كما يتسلل البعض على حقوق الشعب, وأعجب تبرير لهذا الاجراء هو اتهام مؤسسها بأنه صهيوني- لا أعرف حقيقة ذلك لكن ما أعلمه أنه كتب مقالا عام 2009 ينتقد تحيزها ضد إسرائيل!- في ظل استضافة الدولة "ايريك برنس" مؤسس أكبر منظمة ارهابية في العالم "بلاك ووتر" سيئة السمعة وخاصة في العراق,وتوقيع عقود خاصة مع مؤسسته الملاحقة قضائيا في الولايات المتحدة الامريكيه بلده الاصلي.


    إن وضع الحريات في الوطن لم يكن كلام شباب عبر اثير "الفيسبوك أو تويتر" , وانما كان من مؤسسة حقوقية تعمل منذ عام1976 ومعنية بالدفاع عن الحريات العامة وتعترف بحضورها أغلب دول العالم, ويمكن تلخيص أهم ماجاء في تقريرها فيما يلي:" إن الإمارات العربية المتحدة لجأت خلال عام 2011 إلى تقييد حق المواطنين في التعبير عن أنفسهم وفي تشكيل الجمعيات المستقلة ,كما قامت السلطات الإماراتية بمضايقة وتوقيف وسجن النشطاء، وحلّت مجالس الإدارات المنتخبة لاثنتين من أبرز منظمات المجتمع المدني في الإمارات ,وأن الامارات تحركت في اتجاه معاكس "في عام الربيع العربي، فلاحقت جنائياً أفراد إماراتيين تجرأوا على انتقاد الحكومة", فشهدت الإمارات في مطلع أبريل/نيسان اعتقال السلطات لخمسة نشطاء معروفين باسم مجموعة "الإماراتيين الخمسة"، بعد أن ظهرت ادعاءات بنشرهم تصريحات على موقع حوار الإمارات على الإنترنت، وهو موقع تحظره الحكومة. لم تتجاوز أي من الرسائل المنسوبة للإماراتيين الخمسة على الموقع الانتقاد السلمي للسياسات الحكومية أو القيادات السياسية، اتهمت الدولة الرجال الخمسة في مطلع يونيو/حزيران بموجب المواد 176 و8 من قانون العقوبات الإماراتي، الذي يعاقب من "يهين" كبار مسؤولي الدولة علانية ,وأثناء المحاكمة انتهكت المحكمة الاتحادية العليا حقوق المحاكمة العادلة الخاصة بالنشطاء ورفضت منحهم حق الإفراج على ذمة المحاكمة. بعد إدانتهم في 27 نوفمبر/تشرين الثاني خفف رئيس الإمارات أحكام السجن الصادرة بحقهم. ومع أنه تم الإفراج عن الرجال، فما زالت جوازات سفرهم لم تعد إليهم.وقالت سارة ليا ويتسن: "حماية حق الإماراتيين في التعبير عن أنفسهم يعني أن تلغي السلطات أحكام قانون العقوبات التي تسجن الأفراد بتهمة إهانة المسؤولين الحكوميين. هذه القوانين لا مكان لها في القرن الحادي والعشرين، ولا مكان لها في الإمارات". كما تعدت السلطات الإماراتية على حرية التعبير بعد أن حلّت مجالس الإدارة المنتخبة لجمعية الحقوقيين وجمعية المعلمين بعد أن وقعت هاتان المنظمتان على عريضة علنية في أبريل/نيسان تطالب


    بزيادة هامش الديمقراطية في الإمارات. استبدلت قرارات الحكومة المجالس المنتخبة للجمعيتين بمجالس من تعيين الحكومة، وقالت القرارات إن الجمعيتين انتهكتا قانون الجمعيات لعام 2008، الذي يحظر على المنظمات وأعضائها التدخل في السياسة أو أمور تمس أمن الدولة أو النظام الحاكم.كما تضمن انه: أصدرت مجموعة الإصلاح – وهي مجموعة إسلامية – في ديسمبر/كانون الأول بياناً ورد فيه أن السلطات صادرت وثائق هوية سبعة من أعضاء المجموعة، وبعضهم وقعوا على عريضة في مارس/آذار تطالب بإصلاحات سياسية. فيما بعد أقرت السلطات بصدور أمر رئاسي بتجريد ستة رجال من جنسيتهم بعد أن ارتكبوا أعمالاً تمثل خطراً على أمن وسلامة البلاد. لم تعلق السلطات علناً على القضية . قال أحد الرجال لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات لم تُظهر له الأمر الرئاسي أو هي أوضحت له تفصيلاً الاتهامات المنسوبة إليه. اضطر لتسليم أوراق هويته الوطنية وبطاقة التأمين الصحي. منذ ذلك الحين لم تعد له أي من حقوق المواطنة، وأمرته سلطات الهجرة بالحصول على وثيقة من كفيل للهجرة وإلا فربما يتعرض للسجن. ومن جهة أخرى تضمن التقرير مايلي: شهدت العمالة الوافدة في الإمارات بعض التحسن في أوضاعهم، لا سيما في جزيرة السعديات، موقع مشروع تنموي وإنشائي كبير. أصدرت الحكومة أنظمة جديدة للعمل في يناير/كانون الثاني لحماية العمال من مكاتب العمل الاستغلالية التي تفرض عليهم رسوماً غير قانونية وتجبرهم على توقيع عقود مزيفة في مارس/آذار أعلنت جامعة نيويورك عن أنها ستستخدم مؤسسة الإنشاءات البريطانية "موت ماكدونالد" لمراقبة أوضاع العمال في مقر الجامعة في أبو ظبي. في مايو/أيار أعلنت شركة التطوير والاستثمار السياحي – شركة استثمار سياحي وطنية في أبو ظبي –عن أنها ستعين مؤسسة المراجعة المحاسبية الدولية لمراقبة أوضاع عمال جزيرة السعديات. سوف تنشر المؤسستان تقارير سنوية عن نتائج المراقبة. لكن لم تعلن جامعة نيويورك أو شركة التطوير والاستثمار السياحي عن معلومات شاملة بشأن منهجية المراقبة وشروطها التي ستتولاها مؤسسات المراقبة التي استخدمها الطرفان."انتهى.


    في كل يوم يكتشف شعب الامارات انه يعاني من تشويه للحقائق ,وان ما ينشره أحرار الوطن على قنوات التواصل الاجتماعي لم يكن أبدا مثارا للجدل وايقاظا للفتنة بقدر ماهي حقائق تحاول الاجهزة الامنية حرفها عن مسارها, واستبدالها بلغة مستوردة أتت بها خبرات بالية لفظتها شعوبها العربية لتكلف الدولة المال وتضر السلطة والوطن ,وأسوأ تجلياتها اتهامات لكل حر من الشعب بالعمالة والخيانة وخدمة الاجنبي ,فضلا عن تشويه آخر لمنظمات عالمية تعنى بالحريات ولصقها بالصهيونية, ولقلة الحيلة لا يُقدم للرأي العام ما يثبت ذلك اوحتى إحالة الأمر لقاضي حر نزيه يسلك مسلكه.


    مما يثير مشاعر النفس ويؤلمها في هذا التقرير أن السلطة تسعى بكل جهد للدفاع عن حقوق العمالة الاجنبية وتهيئة الظروف اللازمة وفتح الابواب الطبيعية والمعنوية لاستقبال المنظمات العالمية لمراقبة اداء الدولة في تحسين بيئة العمل وإلزام المؤسسات والشركات الوطنية لبذل مزيدا من الجهد لتحسين ظروف العمل ,أما فيما يخص المواطن فليس له حق الاحتجاج أوالمشاركة السياسية أوحتى التعبير بحرية عما يجول في خاطره ,وكل من يتنكب للدفاع عنه فهو صاحب اجندة ايرانية- ولا ادري لماذا لا تغلق السفارة الايرانية لذلك- وقد تكون صهيونية.


    ومن المفارقات المدعاة للسخرية أن كلا الجهتين وزارة العمل وجهازالأمن يجتهدان ,ولكن الاولى تبدع في الدفاع عن حقوق العامل الاجنبي وهذا أمر حسن,اما الثانية فهي تتفنن في قمع حريات المواطن وتشويه هويته وفكره وانتهاك حرمات نسائه مما يجرح تقاليدنا العربية


    الاصيلة, والأُولى أيضا تتسابق لارضاء دولة العامل الأجنبي أومنظمة العمل الدولية,بينما الأخرى تسابق الزمن وبحرقة لتأخير وتحجيم عملية المشاركة السياسية وقمع الحريات وتشويه سمعة المنظمات المعنية بذلك, والأولى كذلك ترصد لها الحكومة مئات الملايين لكسب رضا العامل , وأما الثانية تلتهم مئات الملايين ولكن لكبت حرية وإرهاب المواطن , وان كانت الجهتين تتوافقان بأنهما لا يعيران اهتماما للمواطن ومؤسساته.


    من المؤسف ان تتسع صدر السلطة وأرض البلد لاستقبال المنظمات العالمية وتسعد بزيارتها لاظهار دور الحكومة الريادي لخدمة العمالة و تهيئة البيئة المناسبة له ,ولا تتسع تلك القلوب للجلوس مع المواطن ومعرفة حقيقة رأيه والسعي لاكتساب حبه , وحينها لن نلجأ لتلك المنظمات الاجنبية للدفاع عن حقوق المواطن المصانة, بل سنكون في منأى عن ارتكاب اجراءات خاطئه يقودها جهاز الأمن ولن يستدعي الامراقتحام عبثي لمؤتمر دولي.


    لا اعرف مصدر الثقة التي يتحدث بها بعض مثيري الجدل من رجالات السلطات الامنية سواء الاتحادية ام المحلية عن الوضع في الامارات وأنهم الاوثق لحماية وصيانة الوطن وسلطته ازاء مطالبات شعبية حرة تتهم بعمالة اجنبية, الامر الذي اعاد الى ذهني ترّهات أجهزة امنية عربية ملكت الشعب وأنفاسه وفي غمضة عين أصبحت بلا مأوى وضمن قوائم سوداء تبرأت منها الشعوب الصامدة ولفظتها الأوطان , مع العلم أنها كانت تملك كل شيئ إلا حب الشعب, واتضح فيما بعد أنها كانت المصدر الرئيس في اتساع الهوة بين الحاكم والشعب وكانت الاداة الاساس للهدم لا البناء , ولم يعي الجميع سنن الله في الارض وهو أن بالعدل والحرية تنهض الأمم وتستقر الانظمة لا بالظلم والقهر.


    من المعيب حقا أن تنتشر تلك المتناقضات في وطن حبيب دولة الامارات العربية المتحدة التي كانت محل إعجاب العالم للتسامح وضيافة الغير , وأنه كان من الأجدر بالأجهزة الأمنية أن تلتفت لمُجمّع المشكلات التي يواجهها الوطن عوضا عن إنهاك جهدها في منازلة وَهْم أكيد ,ولا داعي للهو خفي أوجلي لاثارة تلك المتناقضات مما تضع المجتمع في توتر وقلق لا يحتمل الوطن مزيدا منه, وإن استمرار ذلك العبث سيفقد الوطن كثيرا من صورته الجميلة , وحينها فقط سأدعوا اخواني أحرار الوطن إلى الإلتحاق بركب قطاع العمال لعلهم ينالون جزءا من العناية.


     


  •