الإمارات الان المسألة الوحيدة التي ينبغي على المجلس الوطني الاتحادي أن يبحثها في جلسته المرتقبة غداً الثلاثاء، هي: أن يكون أو لا يكون؟ هذه هي المسألة، وليس غيرها، حتى الإجابة، والحسم، والتقرير فيها!
المجلس الوطني الاتحادي، في الإمارات، ليس له مثيل في برلمانات العالم وسلطاته التشريعية على الصورة الديمقراطية النقية كما يجب أن يكون. فهو مجلس مجرد من صلاحياته، وهو السلطة الأضعف والمستضعفة من جانب السلطات الأخرى؛ تطغى عليه السلطة التنفيذية بوجود وزارة تتسيده، مع أنه ينبغي أن يكون هو سيد نفسه، وسيدا إلى جانب تسيد السلطات الأخرى في نظام متوازن السلطات.
وفقا لأصول الديمقراطية، ووفقا لنوع طريقة نظام الحكم الذي تتبناه الإمارات، فإن البرلمان ينبغي أن يمثل الشعب: مصالحه وحقوقه، وكرامته وإرادته! ومع ذلك، فإن المجلس الوطني الاتحادي، ليس أنه لا يقوم بواجباته وسلطاته التي يجب أن يتضمنها الدستور، وإنما أيضا لا يتم اختياره من جانب الإماراتيين كافة، كما تقضي أصول العمل الديمقراطي، وقائمة "اللاءات" الممنوعة والمحظورة تطول في وجه المجلس.
أليس من المعيب سياسيا، أن يتضمن جدول أعمال الجلسة القادمة للمجلس قضايا اعتيادية روتينية تشغيلية يومية، يمكن للجنة فنية مكونة من شخص واحد أو شخصين فقط، أن يقررا فيها بعد دراستها جيدا.. هل صيانة المدارس في إحدى الإمارات وتوفير الأجهزة اللازمة للعملية التعليمية فيها، أو إنشاء "استاد" رياضي، أو الامتيازات الممنوحة لأطباء الامتياز، من القضايا الاستراتيجية التي يزدحم فيها جدول أعمال الجلسة!
أين جزر الإمارات المحتلة، أين التهديدات الإيرانية التي لا تتوقف، أين الاتحاد الخليجي، أين الواقع الحقوقي المتدهور ضد المواطنين والمقيمين، أين سمعة الامارات المتأثرة خارجيا، أين وأين... من جدول أعمال المجلس الوطني؟! أوليس هذا المجلس، هو الذي تم تفصيله وقياسه وفقا لمصالح وأهواء ورغبات الحكومة! فإذا كان مجلس "الحكومة" مهمشا، فكيف سيكون الحال، لو كان المجلس منتخبا بطريقة ديمقراطية وفق أصول الديمقراطية ؟!
اليوم، واليوم فقط، هناك إمكانية، وهناك فرصة أمام المجلس الوطني الاتحادي "أن يكون"، وإلا فإنه لن يكون! لن يكون سوى شكلا وعبئا على ميزانية الاتحاد. اليوم، وكما في كثير من تجارب دول العالم، هناك إمكانية لأن يبادر المجلس لفتح الدستور، لجهة تعديله وتطويره، وأن يرسم بنفسه لنفسه ولغيره من السلطات، حدود الصلاحيات والمسؤوليات والسلطات بتوزان وعدالة وموضوعية!
لن نضرب مثالا، لا بمصر ولا بتونس حتى لا نتهم باستيراد ثورات أو تقليد تجارب الربيع العربي، الذي لا يدخرون جهدا في تشويه تجربته. سنضرب مثالا في معظم دول العالم، التي يكون البرلمان أو جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب، أو بأي صيغة يقبلها الناس، لوضع دستور للدولة.
الدستور الإماراتي، دستور مدون وقائم وفيه من المزايا والإيجابيات الكثير. ومع ذلك، فليس هناك ما يمنع تعديله وتطويره من جانب المجلس الوطني، أو حتى من جانب أية جهة أخرى. المهم بالنسبة لنا، أن يكون هناك تطوير دستوري يسمح للمجلس الوطني "أن يكون"، ولا ضير لو كانت السلطة التنفيذية لو بادرت في ذلك.. نحكم على المضمون والأفعال، لا على الشكل والمزاعم!
إن واصلت السلطة التنفيذية تجاهل المجلس الوطني، فإن المجلس مطالب بوضع بند وحيد على جدول أعماله، هو: أن يكون، وكيف يمكن له أن يكون. ودون ذلك، فإن سيظل بلا كينونة مادية ولا كيانية دستورية. وهو ما لا يرضاه الشعب الإماراتي، في أن يكون تمثيله ضعيفا، ولا يرضى أن يكون شريكا مغبونا. فماذا سيقرر المجلس: أن يكون أو لا يكون؟ الأيام القريبة ستكشف النقاب عن إرادة المجلس، ونأمل ألا يخذلنا!