بلطجي المنطقة

  •  
  • 2012-05-19
    الإمارات الان

     البلطجي أو كما تتعدد تسميته، هو ذلك الشخصية العدوانية المتغطرسة، التي تفضل إدارة علاقاتها مع الناس باستخدام العنف المفرط، حتى دون أن تتطلب المشكلة ذلك.. فليس هدف هذه الشخصية، حل المشكلة بقدر ما تظهر جبروتها وسوء خلقها وفظاظتها، وبقدر ما تستهدف إخافة الناس وإرهابهم؛ كونها تتغذى بصيت الإرهاب، حتى يخشاه المسالمون المحترمون. فالمحترمون هم الخاسرون في مواجهة البلطجي غالبا، بسبب فجره ورعونته، ولعدم حفظه للعهود والأخلاق، ولأنه بريء تماما من شرف الخصومة.. فكل شيء مباح بالنسبة له، حتى ولو سرق الطعام من فيه الفقراء أو الضعفاء، أو أكل مال إمرأة مستضعفة، أو أحرق بلدا بأكمله! 

     
    بلطجي المنطقة هذا، وفقا للتعامل النمطي السائد معه، فإن الكل يتجنب شره، والكل يخاف منه، والكل يسعى لإرضائه، مقابل أن يترك  الكل دون إزعاج أو مشاكل! بل ويربي الناس أبناءهم على فضيلة تجنب هذا البلطجي، إيثارا للسلامة! 
     
    ولكن هذا البلطجي، يغريه نمط التعامل ذلك، فيتمادى بغيه، فلا يكتفي بابتزاز الناس، ولا بتجنبهم له، ولا حتى بغض الطرف كثيرا عن تصرفاته وسلوكه.. فهو يتجاهل كل ذلك، ويستمر في وهم القوة وتسلطها، ويستمر في إجرامه وعدوانه..
     
    إن النظام الإيراني، بما يمثله من سياسات تكبرية وعدوانية تجاه دول وشعوب الخليج العربي، هو بلطجي المنطقة ، بلطجي إحدى أهم بقاع العالم! فمنذ أن وجدت إيران في المنطقة، وهي بلطجي المنطقة، كانت بلطجية الدولة الصفوية، وبلطجية عهد نظام الشاه، وبلطجية ما يسمونه الثورة الإسلامية في إيران، هذه الثورة التي نُكبت بها المنطقة، كما نُكبت بالكيان الصهيوني. 
     
    بمراجعة عامة وسريعة لسياسات إيران في المنطقة وعلاقاتها مع دول العالم، لا تجد سوى سياسات الاعتداء على العرب، تحتل الأحواز والجزر الإماراتية. تريد أن تفرض على المنطقة سوء إدارة علاقاتها مع المجتمع الدولي وتحدي قرارات الشرعية الدولية. لا ترى في السياسة الإيرانية سوى التدخل والاستفزاز والابتزاز، وادعاء الشرف والكفاح والمواجهة، وغيرها من ألفاظ التفخيم والترخيم في غير مواضعها، كما قال الشاعر الأندلسي أبو البقاء، وهو يرثي الأندلس،  كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد..!
     
    لا تعرف إيران سوى صناعة وإثارة المشكلات ليس لمنطقتنا المسالمة فقط، وإنما تهدد بامتيازاتها واحتكاراتها العدائية السلم والأمن الدوليين. تريدنا إيران أن ندفع ثمن مشكلاتها التي لا تعد ولا تحصى..  مواجهة إيران للمجتمع الدولي لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وعليها وحدها أن تتحمل عواقب تحديها ومروقها.. فلماذا تدفع بالخليج إلى أتون هذه المواجهة، بافتعال مشكلات لا وجود لها، ونقل مشكلاتها وعقدها وأزماتها إلى الخليج العربي!
     
    الخبر السيء لإيران، هو أن الشعوب الخليجية قررت كسر الصورة النمطية، المتمثلة باحتمال المزيد من الغطرسة والعنجهية ما دامت أنها تفسر ذلك ضعفا؛ فيغريها بالتمادي. فمن ناحية، ستظل إيران بلطجي المنطقة بلا منازع وبلا منافس، ولكن من ناحية ثانية، سيتغير تعاملنا مع بلطجي المنطقة. فكما هناك مرحلة تتطلب إيهام الأزعر بأنه يحقق رغباته وأن هناك من يسكت عليه ويداريه، فهناك مرحلة تتطلب تقليم الأظافر، وكسر العظام وقطع الدابر.. وهذه المرحلة، تقترب سريعا، وأسرع مما نتوقع، بفعل تزايد أفعال ونيات السياسة الإيرانية.. إن التهديدات التي توجهها إيران لدول الخليج، ستعاني إيران بمثلها وأكثر منها إن هي استمرأت البلطجة والعنجهية.
     
    التهديدات الإيرانية الفجة بخصوص الاتحاد الخليجي، ستكون ضمن مدخلات صانع القرار الخليجي، ولكن هل سيكون هذا المدُخل: دافعا أم رادعا لدول الخليج العربي، لاستكمال الاتحاد، أم النكوص عنه! نأمل أن يكون صانع القرار الخليجي على مستوى التحديات.. وإلا فسنظل نعاني من بلطجي المنطقة لعقود، ولربما لمئات السنين!
     

  •