نجني ثمار هجومكم بنجاح

  •  
  • 2012-05-18
    الإمارات الان

      كما أن التاريخ لم يسجل حالة واحدة، لتبدل وتحول سنة الله في تمكين عباده وأوليائه متغلبين على كل العوائق والتحديات والصعاب، فإنه لم يسجل أيضا: أن جاء هذا التمكين والنصر دون ابتلاءات ذات معنى يواجهها المصطفون من عباده بإيمان واحتساب. وإلى جانب هذه الحقيقة، حقيقة أخرى، لا يلتفت لها إلا المؤمنين والعارفين، ويغفل عنها دائما أؤلئك الذين آثروا الصدود والعناد!

     
    ليس هناك حالة واحدة، أظهرت نجاح مساعي أؤلئك في محاصرة الدعاة والمفكرين والناشطين. بل على النقيض من ذلك، تأتي رياح الناشطين والمفكرين بما لا تشتهي سفن أؤلئك العنيدين. فتأتي رياحا قوية، تكشف وهنهم، وتنشر الأمل وتنفض اليأس من قلوب المؤمنين المبتلين. 
     
    ففي كل مؤامرة أو مكيدة يقوم بها أؤلئك، تأتي النتائج خلاف مخططاتهم وتقديراتهم وأهدافهم! فيعطي سبحانه عباده، درسا بليغا آخر، عندما يخرج النصر والتمكين من وسط الابتلاءات والعذاب، والظن بتغلب فرعون وغرق موسى، فإذا بموسى ينجو، ويغرق فرعون.. 
     
    دائما تأتي النتائج العظيمة غير المرئية، من الأسباب المادية والحسابات البشرية المرئية، لصالح أولياء رب الأسباب. أوليس هو الذي يرزق من يتقيه من حيث لا يحتسب، ويجعل له مخرجا، أوليس هو  الذي يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، وفي هذه المتقابلات آيات ومعجزات لا يدركها سوى المؤمنين! 
     
    كم مرة آذى أبو جهل وأبو لهب الرسول (ص) وصحابته، من أجل هبل، فسقط هبل، وعلا اسم الله.. ألم يخرج يوسف عليه السلام من سجنه وزيرا، والوزير في ذلك العهد، الحاكم المتحكم بكثير من أمور الحكم والإدارة..  في قصة أصحاب الأخدود، يَعْجُل فتى لربه، ليس ليرضى عنه فقط، وإنما ليستثمر التحدي الذي يواجهه من جانب الملك بقتله. لقد حول هذا الفتى المؤمن التحدي إلى فرصة.. فرصة، شهدت ميلاد أمة آمنت؛ فانهزم الجمع وولوا الدبر! وعلموا من هو الكذاب الأشر! 
     
    اليوم، الناشطون في الإمارات يواجهون تحديات عظمى، متمثلة بهجوم شرس من جهاز أمن الدولة منذ أكثر من عام بصورة مركزة، ومنذ بداية هذا العام بصورة أكثر تركيزا. هذه التحديات أوجدت أمام الناشطين الإماراتيين: آفاقا جديدة من العمل والمثابرة، حيث أريد بث اليأس في نفوسهم. سلك الناشطون دروبا جديدة في عملهم حيث أريد الإغلاق عليهم. طور الناشطون خطابا لم يكونوا بالغيه لولا تلك التحديات حيث أريد لهم الخلط و والنكوص. انتشرت مطالب الناشطين بصورة لم يتوقعهوها حيث أريد حصارها ووأدها. ارتفع ذِكْرُ الناشطين حيث أريد طمسهم وتغييبهم إعلاميا. 
     
    ومن حيث لم يحتسب الناشطون ولا أؤلئك العنيدون، فقد تم "تأميم" أفكار الناشطين على مستوى الإماراتيين كافة، حيث أريد أن يظهر الناشطون وكأنهم شرذمة معزولة ناشزة تخرق الإجماع؛ فيسهل ضربها وتصفيتها. بشكل غير مسبوق، وحيث أريد عزل الناشطين عن منظمات حقوق الإنسان، ومطاردة هذه المنظمات وإبعادها من الدولة، فقد كان ذلك فرصة لأن تتحرر هذه الجمعيات والمنظمات من قيود وجودها في الدولة؛ فرفعت صوتها حيث أريد إخمادها، وحجبها عن الواقع الحقوقي. ازداد الناشطون إيمانا، وهدى وبصيرة، وعايشوا التضامن والتكافل وحلاوة الإيمان، حيث أريد لهم الوقوع في الشك والتشكيك بهم وبفكرهم، والتفكك والذاتية والتقهقهر. لقد احتلت فعاليات الناشطين الإماراتيين وما يتعرضون له مواقع إعلامية خليجية وعربية ودولية لم تكن لتحققه دون هذه التحديات، حيث أريد أن تبقى قضيتهم معزولة إعلاميا، تعالج في شعبية أو حتى في "فريج"!    
     
     ألا يعلم أؤلئك أن ابتلاءاتنا هي جزء من عقيدتنا، ومحك حقيقي للمؤمنين بالله وحكمته ونصره حقا! ألا يعلم أؤلئك أنهم بما يفعلونه بناشطي الإمارات، إنما يقربوننا إلى التمكين أكثر فأكثر! 
     
    ألا يدرك أؤلئك أنهم بما يقومون به إنما يدفعون الإماراتيين لإعادة النظر في أمور كثيرة كانت بالأمس القريب، من المحرمات والتابوهات والمحسومات والمقدسات، حيث أريد التهرب من الإصلاح بحماية تلك الأمور.. فعندما يرى الإماراتيون أن أناسا مفكرين ودعاة تسحب جنسياتهم، ويودع شيوخ في السجون، وينكل بالمواطنين، وبنوعية محددة من المقيمين، لا يمكن أن يكون لذلك سوى نتيجة واحدة، هي: مراجعة المرء لهذا الواقع.. حيث تعمل عقول الناس، وتخضع كل ما تراه لعقلها وقلبها.. والإماراتيون أصحاب فطرة سوية وطباع سليمة، وأفهام ذكية، سترفض كل مبررات هذه الحملة المشبوهة.. ولن تختلف استنتاجاتهم وانطباعاتهم عن استنتاجات الأمم المؤمنة السابقة! أوليس تخلل الشك، لتلك المقدسات والتابوهات، وخضوعها للمناقشة والأخذ والرد، والمقارنة والموازنة، يعتبر نجاحا كبيرا، يمهد لقناعات وقطعيات وطنية  جديدة!
     
    يمتلك أؤلئك سياطا كثيرة، وكلها مؤلمة! ويقدرون على إيجاد تحديات لا حصر لها أمام الإماراتيين. ولكننا نمتلك أصوات الحق والعدل والكرامة، والوحدة الوطنية، ومواجهة المد الأمني، وأصواتنا كلها مؤثرة! وإنها لمنتصرة. وستعلوا إنجازاتنا على تحدياتهم، مهما بلغت قسوتها، وتكاثر ضحاياها ومعذبوها! ومهما بعثرت الأوراق، وخلطت الأولويات، والتبس بسببها الحق والباطل، وازدادت المناطق الرمادية، وكثر أصحاب الأعراف من ذوي المواقف الوطنية الملتوية والضبابية.. 
     
    وبقدر ما يبتكرون من تحديات، فسيقابلها الناشطون المؤمنون بأنفسهم وبعدالتهم بإنجازات ونجاحات إبداعية، وإلا فكيف سيكون إنجازا معجزا، ونجاحا متميزا! أو ليس هذا من حيث لا يحتسبون، وحيث مخارج (فرص) لا يتقن استثمارها سوى الإماراتيون، المتقون!    

  •