مشروع النهضة المصرية .. قراءة في المضامين

  •  
  • 2012-05-16
    الإمارات الان

    في قراءتي المتأنية لمحاور " مشروع النهضة المصرية " الذي طرحه حزب الحرية والعدالة كبرنامج  نهضوي ومقارنته بالبرامج الأخرى للمرشحين المستقلين أو بأطروحات مرشحين لم يتقدموا حتى لحظة كتابة تلك السطور زعما منهم أن تاريخهم حافلا بالإنجازات ، ولا ادري ما هي تلك الإنجازات التي يتحدث عنها وفجرت ثورة يناير 2011 وأطاحت برأس أعتى منظومة قهر عربية ؟!! الحقيقة وللتاريخ أنا وجدت في هذا المشروع الذي يعتزم المرشح الدكتور محمد مرسي تطبيقه في حال فوزه بماراثون إنتخابات الرئاسة المصرية جهد شاق وعمل دؤوب ربما يفوق الفترة الزمنية التي أعلنت في مقدمته " خمسة عشر عامًا " من أجل إعادة وبناء رباعية ( بناء الإنسان المصرى والأسرة المصرية والمجتمع المصري والدولة المصرية ) على قاعدة المرجعية الإسلامية والهوية الحضارية لأبناء مصر الكرام .

     
    السؤاشل الذي تبادر إلى ذهني لماذا سمي المشروع بمشروع النهضة وليس التنمية ولماذا كان شعاره " النهضة إرادة شعب " ؟ عندما تصفحت المشروع وجدته يجيب على هذا التساؤل في ثنايا سطوره وبين كلماته في كلمات معدودات فالتنمية تركز علي مضاعفة الدخل من خلال زيادة الإنتاج والخدمات ، أما النهضة فتشمل منظومة القيم والممارسات بالإضافة إلى التنمية .
    وعندما رحت ابحث عن سر المصارحة وعدم المواربة بأن المشروع ينطلق من مرجعية إسلامية ويستقى توجهاته من معين الشريعة الإسلامية فهي بالنسبة له المنطلق والمكون والضابط الفكري والثقافي والحضاري ، ولأنها تجمع قيم ومبادئ ونظم الإسلام الربانية السامية ، وهي الإطار الجامع والحامي لكل القيم الإنسانية " 40 قيمة إنسانية " وفي مقدمتها الحرية والعدالة والتنمية والإصلاح واحترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية واحترام حقوق غير المسلمين وهي المعبرة عن هوية الأمة وتاريخها المجيد وهي المرجع الحضارى المشترك لأبناء الأمة بكل مكوناتها منذ أربعة عشر قرنا وهي التي تتصف بالشمول والتكامل والعموم وتجمع بين المثالية والواقعية ( حيث التعامل مع متغيرات الزمان والمكان ) .
     والمشروع كغيره من المشروعات لابد أن يحمل عوامل قوة وقيمة مضافة لمن يحمله ولمن يستفيد منه في كافة الإطارات المحلية وتكمن نقاط القوة في ثلاثية " الرؤية والقدرة والأمل " فالرؤية بمعنى الحلم ( المستقبلي - التشاركي - الطَموح - المتحدي - الممكن تحقيقه ) والاستراتيجية بمعنى ( طريق الوصول إليه ) آخذة في الاعتبار دراسة الوقع ( نقاط القوة والضعف & والفرص والتحديات ) ودراسة حالات النجاح المحلية ، والعالمية ( القريبة من الخصائص المصرية ) والأهداف العامة والمرحلية ( قيم ونسب ومعايير محددة  نتحاكم إليها ) وبرامج وخطط العمل ( خطط تنفيذية وتشغيلية ، أعمال ، مسئوليات ، توقيتات ) والهيكل الداعم ( موارد بشرية ومالية ومادية ، ونظم عمل ومعلومات ) . 
    حدد مشروع النهضة ثلاث مستويات لإنفاذ المشروع :
    المستوى الفكري : يستهدف الارتقاء بالشخصية المصرية إنسانيا وحضاريًا ، وعلى رأس ذلك المقاصد الأساسية للشريعة الاسلامية المتعلقة بالانسان في المجالات التالية " حقوق الانسان والمواطنة والديموقراطية والتنمية وقيم العمل والانتاج " . 
    المستوى الاستراتيجي : عبارة عن مجموعة خطط تنموية تغطي سبع مسارات لتحقق الأهداف الاستراتيجية للمشروع بحلول عام 2025 ، وحتى لا يتستغرب القراء فإن المستوى الاستراتيجي يطرح 100 مشروع استراتيجي كبير لتحويل الاقتصاد من اقتصاد ريعي إلي اقتصاد القيمة المضافة ( يفوق كل منها المليار دولار ) ، بما يضمن مضاعفة الناتج المحلى الإجمالى فى الخمس سنوات الأولى وبمتوسط معدل نمو سنوى يترواح بين  6.5 % إلى 7%  . 
    وفي هذا الصدد يكشف المشروع عن نماذج بسيطة من المشروعات التي نجح فريق المشروع توقيعها بالأحرف الأولى مع 15 شركة عالمية بواقع (  200 مليار دولار – 2 مليون عامل خلال اربع سنوات ) ، ومشروع خاص بقناة السويس : ( منطقة حرة - إنشاء ترسانات لإصلاح السفن وتطوير الموانى – 100 ألف فرصة عمل ) ، ومشروع  تأهيل المؤسسات المصرفية : ( تجربة الصكوك الإسلامية بسوق المال في أبوظبي ودبي )  ومشروع التدريب المهني وتأهيل العمالة لتحويلها إلي عمالة فاعلة ماهرة : ( ليبيا مثلا خطة اعمارها 700 مليار دولار وتحتاج 3 مليون عامل – بالإضافة إلى تطوير وتنمية العمالة في دول الخليج ...) ، ومشروع تنمية شمال السودان بطول  1800 كيلو متر من أسوان حتي الخرطوم وبمساحه أطول من مساحه مصر كلها ، والجانب السوداني في احتياج شديد لهذا المشروع )  ، ومشروع I-PAD  مصري بتكلفة الوحدة  حوالي 30 دولار فقط وهذا المشروع يوفر تكلفة علي الدولة  16 مليار دولار سنويا وهي تكلفة الكتب المدرسيه .
    المستوى التشغيلي : حدد مشروع النهضة الـ  100 يوم الأولي بعنوان " خطة إطفاء الحرائق " على المستويات الخمسة ( الانفلات الأمني – رغيف العيش – المرور – النظافة – البوتجاز ) ، كما حدد المشروع خطة السنتين الأولي حتى 2014 بعنوان " خطة إدارة الأزمة ، وإعادة تمتين ( المطالب الفئوية الخاصة بالأجور والمرتبات ) .
    حدد المشروع خطة الدورة الأولى حتي 2016 بعنوان " خطة مرحلة البناء " 
    الثمرات الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة من مشروع النهضة :
    أولا : الثمرات الاقتصادية : 
    رفع معدل النمو الإقتصادي ( من   1.5 إلى 7 %  ) والسيطرة على التضخم وتخفيضه ( من   18% إلى 4 %  ) والسيطرة على عجز الموازنة وتخفيضه ( من   9.1 إلى 5 %  ) من الناتج المحلى الإجمالى وتخفيض قيمة الدين العام ( من   85% إلى 40 % )  من الناتج المحلى الإجمالى وتوفير ما يزيد عن مليون وربع فرصة عمل سنويا ، وخفض في معدلات البطالة ( من   18% إلى 7 %  ) وزيادة مساهمة المصرفية الإسلامية في التمويل والاستثمار  ( من   4% إلى 35 %  ) وزيادة مستوى الاحتياطي النقدي ليغطي 9 شهور من الواردات ( حاليا شهرين ونصف وما يعادل 15  مليار دولار ) ودعم وتشجيع المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر ، وتوفير التمويل اللازم لها ، وبما يوفر 500  ألف فرصة عمل لهذا القطاع والبدء في تقنين أوضاع الاقتصاد الموازي ( مثل الباعة الجائلين وغيرهم ) وإدماجه في الاقتصاد الرسمي بما يضمن حقوق العاملين فيه في إطار خطة تمكين الفقراء والنهوض بقطاع السياحة ، والوصول بعدد السياح إلى20   مليون سائح ، مع زيادة موارد هذا القطاع لتصل إلى 25 مليار دولار وبما يوفر 300 ألف فرصة عمل سنويا . 
    ثانيا : الثمرات الاجتماعية : 
    زيادة عدد الأسر المستفيدة من معاش الضمان الاجتماعي من مليون ونصف إلى ثلاثة ملايين أسرة ( الحد الأدني في المتوسط  160جنيه شهريا حاليا ، والمستهدف400   جنيه ) ونقل 6  مليون مواطن على الأقل ممن يقبعون تحت خط الفقر إلى مستوى ما فوق خط الفقر ( يزيد دخله عن 20 جنيه يوميا ) وعمل منظومة تأمين صحي متكامل وإصدار قانون التأمين الصحي الشامل بما يوفر 11 % تقريبا من العبء الذي تنفقه الأسرة على العلاج وزيادة ميزانية الصحة ( من   6% إلى 10 %  )  من ميزانية الدولة وتوفير الدواء اللازم للمريض بأسعار مدعمة وتوفير برنامج اجتماعي يهدف إلى تيسير الزواج ومعالجة مشاكل ارتفاع سن الزواج والعنوسة . 
    مقومات نجاح مشروع النهضة : 
    في الديمقراطيات القوية لا يكون فيها الرئيس مستقلا بل يكون وراءه حزب كبير يدعمه  
    مثل ( انجلترا ، وأمريكا منذ تاريخ الاستقلال ) ، وفي مصر على سبيل المثال رفع حزب الحرية والعدالة " أقوى الأحزاب في مصر بعد الثورة وصاحب الأكثرية النيابية في مجلس الشعب والأغلبية في مجلس الشورى واقعه الميداني على النحو التالي : 
    العمق التاريخي : فالحزب نتاج عمل مؤسسة مدنية يمتد عمرها أكثر من 84 سنه ووضع لبناته الأولى الإمام الشهيد حسن البنا . 
    عمر المشروع : فالحزب يعد لهذا المشروع منذ خمسة عشر عاما وتحديدا في عام 1997
    أساسيات المشروع : ظهرت أول بلورة لمشروع النهضة في عام 2004 تحت عنوان ( أساسيات مشروع النهضة ) .
    الصيغة النهائية للمشروع : في مارس 2011 بدأت تظهر معالمه النهائية .
    الانتشار الجغرافي المحلي والدولي : تنتشر المؤسسة في أكثر من 4300 حي وقرية مصرية وفي أكثر من 80 دولة على مستوى العالم . 
    الامكانات البشرية الضخمة : سياسية واقتصادية وتعليمية وصحية وإعلامية ونقابية ومحلية وتربوية ودعوية .. 
    فرق عمل المشروع : ( أكثر من 1000عالم وخبير ومتخصص في كافة المجالات ) ساهموا في دراسات هذا المشروع ويعمل على بلورته 16 لجنة استشارية متخصصة .
    ثقافة الانفتاح على الآخر : يخصص المشروع وحدة متخصصة تتلقي المقترحات والمشاريع الجديدة حيث تلقت اللجنة أكثر من 20 ألف اقتراح لمشروع النهضة .
    الإطلاع على التجارب الناجحة والمتميزة : المشروع جاء نتاج عمل وزيارات ودراسات لنماذج ناجحة  للعديد من الدول على مستوى العالم ( أكثر من 25 دولة من بينها تركيا وجنوب افريقيا وكوريا الجنوبية وأندونسيا وماليزيا وسنغافورة والهند وتايلاند وفيتنام والبرازيل وأسبانيا وألمانيا وإيطاليا واليابان وغيرها ) .
    سفراء العالم : نجح فريق المشروع في مقابلة عدد كبير من سفراء الدول ورجال الفكر ورجال الأعمال على مستوى العالم مثل : جنوب افريقيا والتي كانت تعاني من حالة من الاحتقان العنصري والطائفي نتيجة الحكم العنصري الأبيض وكيف استطاعوا علاج هذا الاحتقان .
    وإذا كان الأمل في مشروع نهضة مصر قد وضع سبعة مسارات يمكن الرجوع إليها بالتفاصيل يبقى الأمل في تأييد الله للمخلصين من ابناء الأمة المصرية والأمل في الشرفاء والمخلصين من أبناء هذا الشعب العظيم ، الذي سيضع كل ما لديه من إمكانيات وطاقات وعمل وجهد من أجل تحقيقه ، ثم الثقة في الإنسان المصري باعتباره صانع الإنجازات ، وأخيرا أقول : 
    ( النجاح الحقيقي لمشروع النهضة هو تبني الأمة كلها لهذا المشروع سواء نجح المرشح أو لم ينجح ) .
    -- --------------------------------
    صحفي مصري وخبير إعلامي 
     

  •