الإماراتيون يستحقون أفضل من ذلك !

  •  
  • 2012-05-11
    الإمارات الان  Ù…نذ فجر الاتحاد، لم يشهد هذا الاتحاد المبارك تحديات وصعوبات داخلية أو خارجية كالتي يشهدها الآن. تحديات تلقي بظلالها على استمرار هذا الشكل السياسي العظيم بين إمارات الاتحاد، ويضعف احتمالات الاستقرار بكل أبعاده، إلى حد بعيد. الأهم من هذا التوصيف للحالة الإماراتية الراهنة، فإن هناك إجماعا وطنيا واتفاقا شعبيا على دقة المرحلة وخطورتها، وهو ما يجعل الجميع تحت وطأة مسؤولياته الوطنية والأخلاقية.
    في التحديات الخارجية، يمكن التعرف عليها وتشخيصها بسهولة، ويمكن مجابهتها والتغلب عليها بسهولة أيضا. أما التحديات الداخلية العرضية والطارئة والظرفية هي إنتاج جهات حكومية تسيء الفهم، بصورة متعمدة وعن سبق إصرار! وهنا، لا بد من التأكيد على أن قوة الجبهة الداخلية الإماراتية شرط لمواجهة التحديات الخارجية، لا يجادل في ذلك إلا من كان له ارتباطات وأجندات خارجية.. وهذه الحقيقة إحدى ثوابت السياسة والتاريخ.
    أبرز ما تواجهه الإمارات خارجيا، هو احتلال إيران للجزر الإماراتية، ودون هذا التحدي الكبير يمكن القول إن الإمارات لا تواجه مشكلات لا يمكن حلها في علاقاتها الخليجية والعربية والدولية. 
    أما التحديات الداخلية، فهي كثيرة، وكثيرة جدا منشؤها الرئيس هو قصور النظام السياسي متمثلا في عدم الفصل بين السلطات المختلفة فضلا عن عدم الاستقلالية الحقيقية في منظومة القضاء، مما أدى إلى غياب تام للشفافية وانعدام تام للرقابة على السلطة التنفيذية والتي تعتبر المسؤول الاول عن كثير من التحديات التي تواجهها الدولة، بدء من خلل التركيبة السكانية إلى سوء إدارة المال العام ، وتفشي الفساد بأنواعه المالي والإداري وحتى الاجتماعي، اضافة الى الانحلال الخلقي الذي بات يهدد قيم وعادات وتقاليد المنطقة بأسرها، كل ذلك اجتمع ليكون تحت رعاية الفساد الأمني الذي يمارس مؤخراً على الشعب الاماراتي الحر بجميع أطيافه ومكوناته، مستهدفا كل صوت حر يدعو الى الاصلاح والتغيير، حتى باتت العلاقات الإماراتية الخارجية توصف بالتوتر مع كثير من دول المنطقة.
    مهما كانت تعقيدات المشهد الداخلي، فإن توفر الرغبة الحقيقية والنية الصادقة في إيجاد مخرج لهذه الأزمة ونذرها الخطيرة هو أولى خطوات الحل. وإلى جانب فإن قرارا سياسيا سياديا حكيما هو من يوقف تطور الأزمة بشكل حاسم، ويضع جميع الأطراف أمام مسؤولياتها، وتعيد التفكير فيما تفعل، وتنظر عواقب أفعالها! 
     
    الشعب الإماراتي لن يذهب سدى، ولن يتبخر! وعلى المعنيين أن يفهموا ذلك! وعليهم مصارحة ومكاشفة أنفسهم، والاعتراف بأن قمعهم الأمني وأساليب المصادرة والمحاصرة للرأي والفكر لن تفلح.. ولسنا بحاجة لإحالتهم للتاريخ في هذا المقام! على المعنيين أن يعوا، أن الزمن تغير، ولن يكون هناك أنظمة فاسدة ولا أجهزة أمنية بائسة.. Ùˆ لن يكون هناك مستضعفون أيضا!  
    فالأسلم والأحفظ لشعبنا ولدولتنا، أن نبدأ سريعا بتفكيك الأزمة، ونفهم ونتفهم مشاعرنا وهواجسنا وتحسباتنا. إن الدولة التي تدعو لحل مشكلتها الرئيسة الخارجية مع إيران بالحوار، ليست عاجزة عن محاورة شعبها! 
    الدولة التي تطالب الفلسطينيين بالجلوس والتفاوض مع الإسرائليين للتنازل عن 78 % من فلسطين، ليست عاجزة عن تسوية خلافاتها مع شعبها! 
    من الثابت، لا كرامة ولا عزة لأي نظام على حساب كرامة وعزة شعبه! حتى النظام السوري المجرم منذ أن وجد، لم تستطع كل الدنيا أن تزحزحه قيد أنملة عن سياساته قبل أن ينتفض عليه شعبه! ولكن بعد أن انتفض الشعب المنتصر، كل الدنيا تسعى للخلاص منه، وبغض النظر عن دوافع كل طرف! فالشاهد هنا، أن الشعب ليس مصدر السلطات فقط، وإنما مصدر العزة والكرامة، وكل الحل لإي مشكلات حقيقية أو مفتعلة!
    لذلك، ومن أجل خارطة طريق وطنية قادرة للتعامل مع التحديات الراهنة والمستقبلية، فلا بد أن يكون أولى معالمها، هو أن يكون الشعب الإماراتي جزء رئيساً في تحمل المسؤوليات والواجبات. وأن يكون الشعب الإماراتي جزء من النظام السياسي من خلال إطلاق عملية ديمقراطية حقيقية، يكون فيها كل الشعب قادرا على الترشح والانتخاب لسلطة تشريعية معتبرة ذات صلاحيات كاملة بالرقابة والتشريع والمحاسبة الكاملة.
    إن الأسر الحاكمة الكريمة كلها في نظر الإماراتيين صاحبة شرعية في توارث الحكم، ولها السمع والطاعة في غير معصية الله! والشعب الإماراتي يستحق من الأسر الحاكمة نفس الاعتبار والنظرة أيضا! لا في الامتيازات ولا في الاستثناءات ولا في منازعتها شرعيتها، وإنما أن يكون الشعب الإماراتي جزء معتبر في الشرعية الوطنية والدستورية، بصورة يكون فيها شريكا كاملا في اتخاذ القرار، وصناعة السياسة العامة للمركب الجامع! 
    وفي هذه الخطوط العريضة تفصيلات لا حصر لها، بقدر حجم التجاهل والتهميش الذي يعانية الشعب الإماراتي منذ سنوات. لذلك، فإن البداية لا بد أن تأتي من الحكومة الإماراتية، برعاية حوار شامل بين أبناء الشعب الإماراتي، ليكون للإماراتي شأن في وطنه، كما له شأن في بقية دول العالم! لأن الإماراتيين يستحقون أفضل من ذلك

  •