عُقدة الأجنبي.. والإصلاح الزائف!

  •  
  • 2012-05-09
    الإمارات الان
    عقدة الاجنبي متأصلة في الدول الشرقية بشكل عام وفي الدول العربية بشكل خاص.
    الكلام نفسه يقوله المواطن ويُرفَض، ولكن عندما يكرره الاجنبي يُقبل بكل ترحيب وسعة صدر، لا بل وتصرف له مكافأة مالية كبيرة، ويغادر ذلك الخبير الاجنبي تلك الدولة وهو يضحك مما رآه من غباء وسذاجة!
    يتخرج المواطن في الجامعة نفسها التي تخرج فيها ذلك الخبير الاجنبي، ولكن يبقى رأي المواطن منبوذاً وما يقوله مرفوضا، بينما يستقبل الاجنبي استقبال الابطال ويتنقل بأفخر السيارات وتفتح له الابواب المغلقة ويتهافت البعض لمعرفة رأيه في كل صغيرة وكبيرة ومهما كان مستوى الكلمات التي تخرج من فمه، لكنها عندما تقع في آذان سامعيه تكون تلك الكلمات هي اروع ما استمع اليه هؤلاء!
    يقوم بعض العاجزين ممن خدمتهم الظروف وجلسوا على كراسي لا يستحقونها، باللجوء الى ما يسمى «الخبير الاجنبي» لتغطية فشلهم الاداري وعجزهم القيادي ولذر الرماد في العيون ولايهام السذج من الناس بأنهم يسعون للاصلاح ويهدفون الى التطوير. تشكل اللجان من الجهلاء وتهدر الموارد المالية من اجل مشاريع وهمية وبرامج عمل ورقية ومؤشرات افتراضية، والنتيجة الحتمية هي الفشل الذريع لكل ما قاموا به وسعوا اليه، وكذلك انكشاف ضحالة تفكير هؤلاء العاجزين وتعرية من ساعدهم من المتملقين والمنافقين ممن يقتاتون على ما يرميه اليهم هؤلاء العاجزون من فتات، كما يرمي المزارع بقايا اكله لما يملك من بهائم!
    يقول المثل الشعبي: «ما يحك جلدك الا ظفرك». ان الدول لا تنهض الا على سواعد ابنائها والحضارات لا تصنعها الا الشعوب الحية التي تعتمد على ذاتها وتدرك انها وحدها القادرة على بناء الدولة والارتقاء بها. ان بناء الدولة يبدأ اولاً ببناء المواطن الذي يدرك مسؤولياته تجاه الوطن والمجتمع، ويقوم باداء واجباته على اكمل وجه قبل المطالبة بحقوقه. ما يسمى «الوحدة الوطنية»، هو ليس مصطلحاً رناناً يتشدق به البعض على مسامع الناس، ولكنه واقع يتحقق عندما يتواجد مواطنون واعون يدركون تمام الادراك ان كل فرد منهم هو جزء من كيان اكبر وان الخير للفرد هو ما يكون خيراً للمجتمع، وان الانانية البغيضة هي اخطر ما يهدد الدول، وان قوة المجتمع تأتي من قوة افراده ونهضة الدولة لن تتحقق الا من خلال اخلاص مواطنيها وتفانيهم.

    تكثر هذه الايام الاقوال عن الاصلاح وبناء الدولة الحديثة واللحاق بركب الدول المتقدمة، ولكن تندر الافعال، وتبقى تلك الاقوال مجرد خُطب وتصريحات ولا تتعدى الخطط مجرد كونها حبرا على اوراق.

    المصدر/صحيفة القبس /

  •