ماذا يعني انتمائي للإمارات؟

  •  
  • 2012-05-06
    الإمارات الان
      يغلب، في العادة، على التعبير عن الوطنية ومظاهر الولاء والانتماء والبراء الحديث العام والمطلق، بصورة أنتجت أدبا وطنيا عاما ومطلقا ينطبق على أي وطن وعلى أي مواطن في وطنه! هذه العمومية، ورغم ما فيها من إيجابيات، إلا أنها حرمت آخرين ميزة التعبير عن خصوصية مشاعرهم وفهمهم، وحرمتهم من جانب آخر: إبراز خصوصية وطنهم على الأوطان كافة! تلك الخصوصية لذلك الوطن، تصنع بحد ذاتها مجدا وفخرا متبادلا بين مواطن ووطنه، وتقدم للعالمين علاقة استثنائية بين مواطن يفدي وطنه بحياته ومماته، ووطن يحفظ كرامة وعزة وحرية وحقوق مواطنه!

    في هذا السياق العام، يكون لشرح: ماذا يعني انتماء المواطن الإماراتي لوطنه الإمارات، معنى خاصا مجسدا تجسيدا حيا، بأفعال وأقوال ونيات ومشاعر وطنية جارفة في الولاء والانتماء للإمارات، والبراء من كل ما يتعارض مع هذه الحقيقة! والوطن هنا، بمعنى جغرافي: الأرض والماء وموارد طبيعية، وبمعنى ديمغرافي: الإنسان: حاكما ومحكوما، وبمعنى فكري: الشريعة والدستور، والقيم والعادات والتقاليد، وفلسفة الاتحاد وغايته، وكل معنى من تلك المعاني يتسع لمشمولات أكثر...

    بالنظر إلى تلك المشمولات، فإن الإماراتي، يستند في فهمه لوطنيته، والعمل بمقتضى هذا الفهم، إلى عقيدة إسلامية ربانية، عظَّمت من قيمة ارتباط الإنسان بوطنه، حيث: مقره ومستقره، أمنه وآمانه، فكره وإبداعه، في مجموعة من الثنائيات الشرطية بين الإماراتي والإمارات.. فبمقدار ما يقدم الإماراتي من حب وولاء وإخلاص ووفاء لوطنه، فبالضرورة أن يجد في وطنه مقابل ذلك، ضمن تفسير

    السبب والنتيجة، والحتمية في مجال العلاقة الوطنية، وإن كانت تلك التعبيرات الفلسفية لم تعد قائمة تماما في مجالات أخرى فلسفية وعلمية!

    إن أي اختلال بين السبب (الحب والولاء والانتماء) التي يقدمها الإماراتي، والنتيجة (الحرية والحقوق والكرامة) التي ينبغي أن يجدها في الإمارات، هو تعبير عن اعوجاج في حلقة ما، أو خيانة فكرية لدى جهة ما، أو سوء فهم، لا بد من البحث المعمق الشامل للكشف عن الفجوة بين ما يقدمه الإماراتي وما يلاقيه، وخاصة هذه الأيام العجاف حقوقا وحريات!

    إن محاولات بعض الجهات، تقديم مفهوم أوحد للانتماء للإمارات، وهوغالبا يكون إنتاج قلة معزولة ترى الانتماء للإمارات من خلال شخوصها ورؤيتها وفهمها، وإعادة إنتاج تصنيف الإماراتيين والتعامل معهم على أساس هذا الفهم البائس للانتماء للوطن، هو بحد ذاته خيانة فكرية بحق الوطن، يسعى لجمود الانتماء وممارسته، ويحرم الإمارات من الإبداع في تجديد معاني الوطنية والانتماء والولاء! إن الانتماء للإمارات، مفهوم وممارسة أكبر من أن يضع حدودها، أو يحدد معالمها أو يرسم ملامحها أحد.

    الانتماء للإمارات أكبر من أن يجتهد فيه أحد، ويكسر قالب الاجتهاد بعده! الانتماء للإمارات أطهر فضيلة وأعف من نيات صاكي "تأشيرات" الوطنية وفق رؤية معزولة انعزالية، لا تسمح للإماراتيين أن يروا إلا ما ترى! الانتماء للإمارات لا يعترف بالامتيازات والخصوصيات والاستثنائيات الموهومة المزعومة، المقبورة أمام الفهم والمفهوم الحقيقي للانتماء لدى شمول الإماراتيين وعمومهم! الانتماء للإمارات لا يحجر عليه أحد، ولا يستفرد به أحد، ولا يستغله أحد، ولا يتذرع به أحد، ولا يبرر به هجمته وعدائيته وتجبره وتكبره أحد! الانتماء للإمارات لا يقر بالفردية المتغولة

    على المجموع، ولا يقر بالفردية والأحادية والشخصانية، وأي معنى أو رديف للاستبداد الناجم دائما عن الفردية!

    الممارسة المرادفة لمفهوم الانتماء للإمارات، هي الشراكة الوطنية من المجموع الإماراتي: نساء ورجالا، شيبا وشبانا، محكومين وحكاما، دون إذن أو سماح أو رخصة من أحد. كل إماراتي يستطيع أن يمارس انتماءه للإمارات من خلال موقعه، وبوقعه وإيقاعه الخاص، طالما الغاية العظمى والنهائية هي الولاء للإمارات! دون أن يحق لأحد التشكيك

    الانتماء للإمارات، هو انفتاح على الإنسانية نستفيد منها، ونفيدها.. وهو انفتاح لا يعدو أكثر من أن يكون كمشاريع ترجمة الكتب التي ترعاها الإمارات.. لذلك، لا يحق لأحد أن يتقول على الإماراتيين أنهم يوالون غير وطنهم بسبب انفتاحهم على الفكر الإنساني! وإلا فسيظهر في الإمارات، كما ظهر في بعض الدول العربية من يعتبر أن الفتح الإسلامي غزوا خارجيا، واحتلالا يجب مقاومته ودحره، دون أن يفهم معنى الانفتاح الإنساني والتواصل الحضاري المفتوح بلا قيود وبلا حدود! إن هذا الانفتاح والتبادل المعرفي والثقافي والفكري لا يتناقض مع الولاء والانتماء للوطن، بل إن تجريم وتحريم هذا التواصل يتناقض مع صحيح القرآن الكريم:" وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"!

    الانتماء للإمارات، يتطلب أن نفهم ونمارس إدارتها ونتشارك مسؤوليتها الحكومية، كمن هم في قارب واحد. فغير مسموح لمن يمتلك الطابق السفلي من القارب أن يثقبه لأنه ملكه، لأن في هذا التصرف الأرعن غرق للقارب كله! الانتماء للإمارات يتطلب أن نأخذ على يد بعضنا، ظالمين أو مظلومين.. ونصرة الأخ الظالم أوجب وأولى من نصرة الأخ المظلوم!

    الانتماء للإمارات، يتفهم النقد، ويرحب به، بل ويطلبه ويسعى إليه! الانتماء للإمارات لا يأنف من الاستماع للنصح والشورى، ولا تأخذه العزة بالإثم، ولا يرى نفسه أكبر من التذكير والتناصح!

    الإصلاح، هو المعنى الآخر، والممارسة الحقيقية لمفهوم الانتماء للإمارات! النقد، ودون تقييده بصفة: بناء! هو المعنى الحقيقي للانتماء للإمارات! إن وصف النقد ببناء أو هادف أو أي كلمة، غير مقبولة في مفهوم الانتماء الحقيقي للإمارات؛ كوننا نعيد، بوعي أو بلا وعي، إنتاج تصنيف الإماراتيين، وإرهابهم بكلمة :"نقد بناء أو غير بناء"! ومع ذلك، أرجو ألا يفهم: أننا ندعو لعتق الإباحية الفكرية من عقالها. فنحن لا ولن نقر انحرافا أو باطلا، وكل ما نسعى إليه أن يكون تعريف وتحديد المعروف والمنكر والحق والباطل والنافع والضار من خلال اتفاق الإماراتيين جميعا، دون أن يكون لأحد وصاية على تفكيرهم وقدرتهم على التمييز، وهذه القدرة بحد ذاتها هي اختبار حقيقي لمفهوم الانتماء للإمارات. والأكثر من ذلك، نحن نثق بولاء وانتماء الإماراتيين للإمارات، وبرائهم من كل ما يتناقض مع ذلك!

    هذا هو مفهومنا، للانتماء للإمارات، وفق ما نعتقد أنه الصواب بالقياس إلى عقيدتنا الإسلامية، وتقاليدنا العربية، ومشاعرنا الوطنية، التي صاغها الله في أجمل مواطن لأجمل وطن، نريد أن نحيا فيه وفي سبيله بعزة وكرامة، أو نموت من أجله وفي سبيله بعزة وكرامة أيضا! سواء ونحن في معركتنا من أجل استرداد جزرنا المحتلة، والحفاظ على سيادتنا واستقلالنا، أو في كفاحنا من أجل تصويب الاختلال بين ما يقدمه الإماراتي وما يلاقيه من بعض أبناء وطنه!

  •