إنهم يأكلون الأخضر واليابس !

  •  
  • 2012-05-05
    الإمارات الان
    الحديث عن المجتمع الخليجي في مرحلة ما بعد النفط لا بد أن يدفعنا للحديث عن العادات الغذائية والصحية التي ترافقت مع الثروة.. ربما يكون هو المثال الأوضح للتحولات في جانبها السلبي.
    فمن: مجتمع يعيش الكفاف ويبحث عما يقيه الهلاك، إلى: مجتمع يعاني السمنة وتتكبد حكوماته ملايين الدولارات لعلاج الأمراض الناتجة عنها كالسكر والضغط والكولسترول والدهون الثلاثية!
    دعونا نأخذ السعودية مثالا كأكبر دول المنظومة الخليجية مساحة وأكثرها سكاناً. وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن ربع السعوديين اليوم مصابون بالسكر.. ونصفهم مصاب بارتفاع نسبة الدهون في الدم!
    والتحولات السلبية تنسحب على جميع دول الخليج دونما استثناء، عطفاً على وجود %60 من الخليجيين مصابين بالسمنة.. إذ تبوأت هذه الدول صدارة العالم في معدل الإصابة بمرض «السكري»، الإمارات ثاني أعلى دولة في العالم، تليها الكويت في المركز الثالث بينما متوسط الإصابة في قطر يبلغ %16 من السكان، وفي البحرين %15، وفي سلطنة عمان ما يقارب %14. ولا تجد مدينة خليجية اليوم -إلا ما ندر- لا يوجد فيها جوار كل مستشفى مركز متخصص لعلاج أمراض السكر!
    كل هذا بسبب النمط الغذائي الخاطئ الذي أصبح السمة الأبرز للمجتمع الخليجي.. تؤسس لذلك العادات الغذائية الخاطئة داخل الأسرة الخليجية، وكثرة المطاعم بشكل لافت، ناهيك عن الموائد العامرة التي أصبحت أحد التقاليد الثابتة في الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية، إذ حلّت محل الطعام الصحي السليم.. والذي ضاعف المشكلة وجعل منها أزمة حقيقية تشكّل خطراً واضحاً هو الكسل وقلة النشاط البدني!
    تحول عدد لا يستهان به من السكان إلى كائنات كسولة لا تستطيع القيام بأي أعمال شاقة إطلاقا.. انتقل المجتمع الذي كان يواصل الليل بالنهار ويعرّض نفسه للمهالك ويقطع الفيافي ويغوص في أعماق البحار بحثا عن لقمة العيش، إلى مجتمع مترف رخو.. يبحث عن الأعمال المكتبية، ويعتمد في تسيير حياته اعتمادا كليا على الخدم والسائقين.. ولعل من الطرائف المرتبطة بكسل غالبية الشعوب الخليجية، كيف أن البعض يدور بسيارته مرات عدة حتى يجد موقفا أمام باب المحل الذي يريد؛ كي لا يتكبد عناء السير بضع خطوات.. ولو استطاع لدخل بسيارته وسط المحل!
    يقول الدكتور روبرت بيجلهول مدير إدارة الأمراض المزمنة وتعزيز الصحة بمنظمة الصحة العالمية «إن الكارثة الحقيقية تكمن في أنّه من السهل جداً توقي فرط الوزن والسمنة والأمراض المرتبطة بهما، فيمكن تلافي نحو %80 من أمراض القلب وحالات السكتة وداء السكري من النوع 2، و%40 من حالات السرطان، من خلال انتهاج نظام غذائي صحي وممارسة النشاط البدني بشكل منتظم واجتناب التدخين»، لكن شيئا من ذلك لا يحدث في مجتمعات ما بعد النفط، فالمخاوف في الخليج اليوم رسمية أكثر منها شعبية.. وهذا ما يضاعف الخطورة فعلاً.. والمضحك المبكي، أنه إن كان هناك في العالم من يموتون بسبب الجوع.. فهناك في المقابل في دول الخليج من يموتون بسبب السمنة والبدانة!
    لا أتمنى ذلك، لكن كل المعطيات تقول إن السنوات العشر القادمة قد تكون سنواتٍ عِجاف على صحة الخليجيين..
    نكمل السبت القادم بإذن الله.
    المصدر/صحيفة العرب/

  •