إيران ودعوة الاصلاح

  •  
  • 2012-05-01
    الإمارات الان
    من المناسب البحث في حقيقة علاقة دعوة الإصلاح بإيران في هذه الفترة التي تمر بها الدولة في أعقاب زيارة الرئيس الإيراني لجزيرة أبو موسى، ومزاعم ظالمة حول شبهات تفيد أن دعوة الإصلاح لها علاقة بهذه الزيارة، وخاصة للشيخ سلطان بن كايد القاسمي، وعقب حملة جهاز الأمن الشرسة ضد الناشطين الإماراتيين بوجه عام!
    في هذا المقال، سنبسط جميع الشبهات ومناقشتها بتجرد تام، وبلا تحفظ، حتى لا نترك المجال مفتوحا لمن أراد الوقيعة بين دعوة الإصلاح وحكام الإمارات، ولنبين حقيقة علاقتنا بإيران كما هي، وإن كان كثيرون سيرفضون ما سنقوله وسنثبته، وسيظلون حبيسي شكوكهم وظنونهم التي لا تستند الى قرينة فضلا عن تهمة معتبرة.
      إيران بالنسبة لنا، نحن دعوة الإصلاح الإماراتية السنية، عدو؛ ولا نظن أن هناك ما يجمعنا مع إيران في أي يوم من الأيام لا مصلحة دينية ولا دنيوية ØŒ رغم أن هذا الموقف لا يدل على حسن تدبير سياسي، غير أن العلاقة العدائية مع إيران هي ثابت لا متغير. 
    الحكومة الإماراتية، والحكومات الخليجية هي التي تقيم علاقات دبلوماسية وتجارية وثيقة مع إيران، وتتبادل بين الفينة الإطراءات كما تتبادل الاتهامات والتهديدات أيضا. دعوة الإصلاح، ساندت الدول الخليجية في مساندة صدام ضد إيران في حرب استمرت ثماني سنوات, ولكن الأنظمة الخليجية نفسها، وليس دعوة الإصلاح، هي التي كانت جزءا من تحالف دولي أطاح بالحكم السني بالعراق، وجيء بالحكم الشيعي الطائفي على ظهور الدبابات الامريكية، وكنا نحن المسلمون السنة ندفع ثمن تمكين الشيعة بالعراق!
    الحكومة الإماراتية، هي التي وافقت على التهدئة الإعلامية مع إيران حول الجزر، وليس دعوة الإصلاح! الحكومة الإماراتية هي التي أصدرت بيانا رسميا قبل أسبوع في ذروة التصعيد الإيراني على الإمارات، تدعو لتعزيز العلاقات التي وصفتها بالتاريخية، وهذا لم تفعله دعوة الإصلاح! فهل من المقبول أن يقول أحد: أن الحكومة الإماراتية هي التي شجعت صلافة نجاد لزيارة الجزر؟!
    ومع ذلك، فلا زلنا نتهم بالعمالة والتبعية لإيران، فكيف ولماذا؟  ÙŠØ³ØªÙ†Ø¯ من يتهمون دعوة الإصلاح بالتبعية لإيران، على تصريحات متشظية مستلة من كتب تاريخية تحكي سيرة حركة الإخوان المسلمين في مصر، فترة نشأتها، وكيف أن حسن البنا دعا للوحدة الإسلامية بما فيهم الشيعة. 
    يتجاهل من يأخذ بهذا الكلام، أنه جاء قبل نحو 90 عاما، حيث كان الوطن العربي يرزح تحت الاستعمار وفي أعقاب سقوط الخلافة الإسلامية، وقيام دولة علمانية في تركيا تحارب كل ما هو ديني! 
    فكان من الطبيعي، وفقا لفهم ذلك الجيل، أن يبادروا لمقاومة الاحتلال من ناحية، ولحماية ما تبقى من مظاهر الدين في البلاد العربية والإسلامية. وهي بكل الأحوال اجتهادات تاريخية لمجموعة من المسلمين لا تلزم أحدا، وهي اجتهادات سياسية لا دينية ، أي قابلة للنقاش والرفض! وموقف البنا ، هو كموقف الرسول صلى الله عليه وسلم في مواجهة الروم والفرس ، ورغبة المسلمين أصحاب الكتاب السماوي بأن ينتصر الروم "المشركين" على الفرس. إذن هي دوافع لحظية ، وفقا لغاية محددة في زمن محدد ومكان محدد.
    وهذا الشيخ يوسف القرضاوي ، أحد كبار منظري الإخوان المسلمين ، له موقف معاد للشيعة وإيران ، فلماذا لا يعتبر ذلك موقفا يستحق الانتباه إليه ، والتعامل مع الإسلاميين على هذا الموقف , نحن في دعوة الإصلاح ، نتقاطع مع الشيخ يوسف القرضاوي في موقفه من إيران والشيعة. فلماذا لا ينظر لنا من خلال هذا الموقف المعلن ، ويتم محاسبة الإصلاحيين على موقف تاريخي ليسوا جزاء منه، ولا يلزمهم بشيء!
    يتهمون الإخوان المسلمين بأن لهم علاقة مع إيران, ونحن في دعوة الاصلاح لا يهمنا هذا الاتهام ولا الدفاع عن أحد ، بقدر ما يهمنا هو تفنيد الربط بين علاقة الإخوان بإيران بدعوة الإصلاح! هناك من يدلل على علاقة إيران بحماس وإخوان مصر وإخوان تونس والأردن ، بأنها رجس ينصرف أثرها على دعوة الإصلاح!
    وقبل الرد على هذه الإدعاءات ، ما هي علاقة إخوان سوريا بإيران ، وما هي علاقة إخوان العراق بإيران ، وما هي علاقات حماس حاليا بإيران ، بل حتى أين علاقات إخوان الأردن بإيران , فلماذا لا ينظر للعداء بين حركات الإخوان في دول عربية وإسقاط مواقفها على دعوة الإصلاح ، بينما يسقطون علينا علاقات لأهداف سياسية بين بقية الإخوان وإيران.
    لماذا يتجاهل هؤلاء ، موقف إخوان الأردن الأخير من إيران ، الذي أعلنته بكل وضوح قبل أيام ، بأنها لا ولن تقبل بتمدد إيران على حساب الدول السنية! ولماذا لا ينظرون لموقف إخوان تونس من الثورة السورية المناهض لموقف إيران جملة وتفصيلا ! ناهيكم عن علاقة إخوان سوريا والعراق العدائية بإيران منذ الأزل! حتى حركة حماس التي تجاهلتها الدول السنية وحاربتها ، عندما كان الموقف يتطلب مفاصلة ، وقفت حماس مع الشعب السوري السني ضد النظام الطائفي وخرجت من محور سوريا إيران حزب الله كاملا ، رغم عدم وجود بديل معتبر!
    أما إخوان مصر ØŒ فهم لهم أيضا موقف سياسي من إيران ØŒ ولا تلزمهم أية مواقف تاريخية أو سياسية فرضتها مرحلة عامة أو خاصة ما , ولو أراد إخوان مصر تعظيم علاقتهم مع إيران فإن الفرصة لهم مناسبة بعد الثورة ØŒ وفي ظل الأزمة الاقتصادية بعد الثورة ØŒ والأزمة مع السعودية وتخلي الدول الخليجية عن مصر في هذا الظرف الدقيق! 
    الأكثر من ذلك ØŒ ألم تقع خلافات بين حركات الإخوان في أعقاب غزو صدام للكويت ØŒ واختلف إخوان الخليج والكويت مع إخوان الأردن ومصر بسبب الموقف السياسي لسنوات ØŸ فمن باب أولى أن يختلف إخوان الخليج وإسلامييها ودعوة الإصلاح عن أي موقف تكون إيران الفارسية الصفوية طرفا فيه! 
    كل ما أثارته دعوة الإصلاح حول ضرورة التصدي للملف الإيراني ، هو ليس موقفا جديدا ، ويمكن مراجعة كتابات الإصلاحيين للتحقق من ذلك ، لمن أراد!
    لقد أرادت دعوة الإصلاح أن تعمل ضمن القواسم المشتركة بين الدولة والشعب الإماراتي ، كون الاتهامات لنا دائما أننا نركز على الاختلافات بيننا, وعندما عملنا ضمن القواسم المشتركة والإجماع الوطني تم تصعيد الاتهامات ضدنا.
    من جهة أخرى ، ألا تدعو دعوة الإصلاح لمواجهة خطر التركيبة السكانية ، وهي ضمن القواسم المشتركة بين رؤية الدولة ورؤية الناس! فلماذا لا يتم اتهامنا بأننا على علاقة مع الروس والصينيين مثلا ، الذين يغزون الدولة بشكل خطير! لماذا لا يتم اتهامنا بأننا نصعد ضد هذه الجاليات ، حتى نمهد لدولهم أن تتدخل لحمايتهم فيطلبوا حق تقرير المصير عبر مجلس الأمن! وأخشى أن يتهمونا يوما بذلك!
    أخيرا ØŒ ليست دعوة الإصلاح هي التي تدعو لأكثر من احترام سيادة الدولة الإماراتية سواء من جانب إيران أو من جانب أي طرف مهما كانت علاقتنا معه قوية وثابتة ! 
    رغم أن العمل السياسي لا محظورات فيه وفقا لممارسة الدول عامة للسياسة ØŒ فإن دعوة الإصلاح تعتبر أن أحد ثوابتها هو أن أهل السنة والجماعة خط أحمر ØŒ لا ولن تسمح لأحد أن يتجاوزه! ولمن أراد أن يبحث عن إدانة لدعوة الإصلاح ØŒ فليبحث عن شبهة مشرفة أكثر من شبهة العلاقة مع إيران ØŒ ونظامها الطائفي! أم أن كل ما قد نقوله يظل ضمن نظرية المؤامرة التي لا وجود لها سوى في عقول من لا دليل لديه ØŒ بحيث لا تقوم تهمة Ø› ولا محاسبة أو مؤاخذة قانونية أو شرعية ! وسيبقى عداؤنا للنظام الإيراني قائما ØŒ ما دامت السماوات والأرض ØŒ وحتى لو استرجعت جزرنا المحتلة وما وراءها! ولو قالت كتب التاريخ في أحد سطورها غير ذلك ØŒ مع أن هذه الكتب التي يستندون إليها مليئة بآلاف الصفحات المشرفة المشرقة في تاريخ العرب المعاصرين , ولكن أولئك كمن لا يرى في دين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم سوى كلمات قليلة جاءت في ذروة الابتلاء والعذاب للصحابة والدعوة الإسلامية ØŒ عندما بادر النبي الكريم بدفع الأذى عن أصحابه ØŒ فقال متوعدا المشركين الذين أثخنوا بصحابته وبدعوته :" جئتكم بالذبح" ! ومع أنه لم يذبح ولم يقتل ØŒ إلا أن أولئك لم يعرفوا من سنته الشريفة سوى ذلك! ولم يروا في دين الرحمة Ùˆ رسول المرحمة ØŒ سوى هذا الموقف العابر القصير في سيرة مباركة بلغت ثلاثا وستين عاما ØŒ وكتاب سماوي وسنة مشرفة مثقلة بدعوات التسامح! ولكنها نفسية المتربصين المشككين في كل عصر ØŒ جاهلية وجهل لا يتوقفان!  


  •