إنه عصر الإسلاميين

  •  
  • 2012-04-30
    الإمارات الان

    قبل أيام حلت علينا الذكرى الأولى لانطلاقة ثورات الربيع العربي، والذي كان لتونس الخضراء شرف السبق في تدشينه، وقص شريطه إيذانا بمرحلة جديدة من التغيير والتطهير، وإفراز واقع ثوري أضحت فيه كلمة الشعوب هي العليا، وكلمة الظلم والفساد والاستبداد هي السفلى، فتهاوت أنظمة جثمت على صدورنا لعقود طويلة، ومهدت الطريق أمام قوى وطنية كان لها حضور قوي ومؤثر على المشهد الثوري والسياسي، وعرفت بحرصها الشديد على الأمة، ولعل ابرز هذه القوى 'الإسلاميين'، بكل مكوناتهم الاجتماعية والسياسية والفكرية.

    وبعيدا عن تلك الأصوات التي تحاول التشكيك في حجم ودور وتأثير وفاعلية الإسلاميين على الساحة الثورية، وعن الهدف الكامن وراء هذه المشاركة، التي لم تأت بالطبع إلا عن قناعة وإيمان عميق من قبلهم بأهمية وحتمية التغيير شأنهم في ذلك شأن كل مكونات المتجمع الأخرى وباعتبارهم جزء لا يتجزأ من هذا النسيج الوطني ومكون رئيس من مكوناته طالما عانى من الإقصاء والتهميش في ظل هذه الأنظمة التي سعت جاهدة إلى الحد من التأثير السياسي وتحجيم الحضور الاجتماعي لهم عن طريق الزج بالنشطاء منهم في السجون والمعتقلات، ونفي نخبهم وقياداتهم إلى بلدان الاغتراب.

    اجمالا هناك حقيقتان لا بد أن يدركهما كل من لم يقرأ الواقع بشكل موضوعي، تتمثل الحقيقة الأولى في ذلك الحضور الفعال للإسلاميين في قلب ثورات الربيع، سواء من حيث كثافة المشاركة أو حتى من ناحية نوعيتها.

    والثانية تتعلق بالثقة الكبيرة التي منحها المواطن العربي لهم، حيث قال التوانسة- البلد العلماني - نعم لحزب النهضة الإسلامية، ومثلهم قال المغاربة لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، وسلك المصريون نفس المسار مع حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، ومن ييدري قد تقولها شعوب أخرى لإسلاميين آخرين في المستقبل القريب.

    هذه الثقة لم تخلق من فراغ، بل إن العقلنة الواضحة في الخطاب السياسي الإسلامي لهذه الأحزاب، يبشر بولادة إسلام الدولة من جديد، وليس فقط دولة الإسلام، كما انه يشير إلى بوادر تحولات ديمقراطية، وقفزات تنموية عملاقة لا تحتاج إلى أكثر من مجرد إرادة 'أردغانية' وإدارة 'مهاتيرية'، كما أن الصورة التي دأبت الأنظمة الحاكمة على تسويقها عن الإسلاميين- مستفيدة من أخطاء البعض منهم - قد سقطت إلى الأبد.

    إذ لا مكان للعنهجية والشوفانية في بلدان استيقظ فيها مارد الشباب، ولا مجال للانقضاض على جوهر الديمقراطية الحقة القائمة على أساس الفصل بين السلطات ومبدأ التداول السلمي للسلطة، فقد عرفت الشعوب الطريق وقالتها مدوية: ليس المهم من يحكمنا، بل الأهم كيف يحكمنا؟

     


  •