لسنا وحدنا من يراقب العَجَلَة وهي تدور!

  •  
  • 2012-04-28
    الإمارات الان

    لن نكشف سرا حينما نتحدث عن الصورة السيئة لبعض مواطني الخليج، أو التي يسعى الإعلام على الضفة المقابلة أن يُنمطها عنه، الخليجي الذي تئن محفظته بـ "رزم الدولارات" وبطاقات الفيزا والماستر كارد، ويرتاد "الكباريهات" والأندية الليلية والبارات ويعب كؤوس الخمر و "الويسكي"، ويعشق الليالي الحمراء ويعاشر القاصرات، ويتسمر أمام طاولات الروليت، ويطارد الراقصات من ملهى إلى ملهى، و "يرش" الدولارات على رؤوسهن؛ طلبا لرضاهن ولفتاً لأنظارهن!
    لا ننكر وجود هذه العينة من مواطني الخليج في مرحلة ما بعد النفط، نحن مجتمع كبقية مجتمعات الأرض ولم نقدم أنفسنا للآخرين يوما ما، على أننا ملائكة أو نسكن مُدناً أفلاطونية، هذه الظاهرة إن وجدت، وهي على أي حال موجودة ولسنا بحاجة لإنكارها، تعدو وتبدو ظاهرة طبيعية.. المجون والنساء والقمار والخمر إلى آخر هذه المتوالية الليلية، إرث بشري ليس محصورا في جيل دون جيل، أو بقعة جغرافية دون أخرى. يقول أبونواس -وأبونواس لا يحمل الجنسية الخليجية بالمناسبة-:
    وكأْسٍ قَد شرِبْتُ بِبَعْلَبَكَّ.. وأُخرى في دمشق وَقَاصِرِينَا!
    الصورة، التي يُراد لها أن تلتصق عنوة بالخليجيين وحدهم في العالم موجودة في مجتمعات الثورة الصناعية.. تلك التي تمتلك أكبر مصانع الكحول في العالم، وتقنن البغاء، وتشرع القوانين للرذيلة والعهر والشذوذ.. بل هي موجودة حتى في الدول التي لم تعرف النفط!
    غير أن الجزء المؤلم في الصورة هو أنها من إنتاج بعض الأشقاء العرب، الذين لو جرى المال في أيديهم لربما -والله أعلى وأعلم- فعلوا الأعاجيب، وقالوا في الليل والنساء والخمر ما لم يقله عمرو بن كلثوم ولبيد وعنترة.
    والمعنى من كل ما سبق هو أن هناك نماذج سيئة للحالة الخليجية في مرحلة ما بعد النفط، فهي لا تعدو عن كونها آثارا طبيعية -على اعتبار أن للمال آثارا محمودة وأخرى مذمومة- لا يقاس عليها كظاهرة فريدة خاصة أو متعلقة بالخليجيين وحدهم.. إذ إن هناك في جميع دول العالم من يراقب العجلة وهي تدور!
    النفط الخليجي حتى وإن أخرج لنا نماذج سيئة، فهو –مثلاً- قد تنعكس إيجابا -إلى حد مقبول- على النهضة العلمية.. عشرات الجامعات ومئات الكليات والمعاهد والأكاديميات في جميع العواصم والمدن الخليجية.. مئات الآلاف من أبناء الخليج يتعلمون في جامعات أوروبا وأميركا وآسيا.. خطوات حثيثة لدى الحكومات والشعوب الخليجية على حد سواء -تدفعها الرغبة والإرادة وقوة التصميم- نحو اللحاق بالعالم الأول.. وفي الوقت الذي كان العثور على شخص متعلم في هذه المنطقة الناشئة كإمكانية العثور على إبرة في كومة قش، نجد اليوم ملايين الخليجيين -دون مبالغة- ممن يحملون شهادات جامعية في تخصصات مختلفة.
    نعم هناك صورة سيئة أفرزتها مرحلة ما بعد النفط كما أسلفت، لكن الجزء المشرق من الصورة أكبر وأجمل بكثير وهو ما يستوجب الاعتزاز به -نكمل السبت القادم بإذن الله.



    *المصدر:صحيفة العرب القطرية

  •