إنه الشعب يا سلطة الأمن

  •  
  • 2012-04-24
    الإمارات الان
       Ù‡Ù†Ø§Ùƒ مظالم كثيرة تمر في وطني الحبيب..أن تستباح حقوق المواطن ويفاوض في رزقه  وحريته ومبدئه, وأن يخير مواطن بين التخلي عن جنسيته أواعتقاله دون محاكمة, وأن تنتهك حرمات القضاء فلا ينفذ ما يحكم به ولا يُبجّل أعضاؤه ولا ينفذ أمرمن أقسم اليمين على قول الحق, وأن يختطف قاضي في مكان عام دون احترام لحق الشارع والمُختَطف, وأن يعتقل   أحد وجهاء القوم ومن الأسر الحاكمة تحت ظلال السلاح ليحتجز دون محاكمة أو إذن نيابه , وأن يسكت الجميع على تلك الانتهاكات الخطيرة خصوصا من جمعيات وطنية تعنى بحقوقه Ø§Ù„انسان ومن نخب اسلامية وليبرالية ومسؤولين لمجرد أن من انتهكت حرماتهم هم ممن خالفوا توجهات السلطات الامنية.
       إن اعتقال الشيخ سلطان بن كايد القاسمي رئيس دعوة الاصلاح على أيدي فرقة أمنية مسلحة منزوعة الحكمة, تعد خطوة غير مسبوقة إزاء وجهاء الوطن وتجاوز بلغ مداه ومغامرة بلغت ذروة مراتب الاستبداد والقهر ونزع حرية رجل حرمسالم  يدافع عن أبناء شعبه ودعوته الملتزمة في أدبياتها بالإسلام الوسطي,وكلمة حق محايدة في تلك الدعوة -لمن أراد أن يسمع- أنها فكرة ولدت قبل قيام الاتحاد وواكبت مسيرته بحكمة وأمانة ونمت وازدهرت بنموه, والتزمت بقيمه ودافعت عن هويته وبايعت قيادته السياسية ,وتجرد أعضاؤها لخدمة المجتمع والدولة حينما فتحت لهم أبواب المساهمة والإبداع في أيامٍ خوالي اتسمت بالحكمة والود والعدالة.
       مما يبعث على الحزن والأسى أن تغض السلطة في وطني عن التجاوزات الأمنية المُنتهِكة لأبجديات أسس الدولة الحديثة فأصبحت السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية مرتبكة, وأضحت قراراتها تائهة خائفة وحائرة مابين كلمة حق يجرِّمها وينبذها ويفتن وطنيتها أوإنسانيتها, وبين تسليم راية الطاعة مقابل قُوت يوم أوتمويل أوجمال منصب لايقاوم.
      لايستطيع المرء أن يصف لون السياسة التي تتعاطاها السلطة في ظل الصمت المريب  إزاء النفوذ الأمني المطلق الجاثم على مفاصل الحراك المدني ,والقصور البيّن في فهم تباين مزاج ووعي وثقافة الشعب عما هوعليه في بداية الإتحاد,ولكن يستطيع المرء أن ينصح  السلطة بأن  مزيدا من القمع للشعب يذكي مشهد الإصرار لدى شباب الوطن عبر التسابق لتحقيق مطالب الحرية واحترام الرأي الأخر, وإن التجاهل أو العناد من هنا والتركيز والإصرارمن هناك يخلق حالة معقدة تزيد اتساع الهوة مابين القيادة والشعب.
      في غضون سنة واحدة من المواجهة العلنية مع التيار الاسلامي,استعرضت الأجهزة الأمنية كل أساليب القوة والاستبداد وأجادت لعب فنون الترغيب والترهيب منها الجلي ومنها الخفي , وسفّهت الأحلام ومنعت التغريد عن موظفيها الأحراروسيّست الكتّاب, وأهّلت الكوادر المبدعة لخلق أفلام التشويه وتضليل الرأي العام ,ونجح صنّاع الأمن الأصفر في إثارة الأنظمة والشعوب العربية,وعلقت المشانق لحرية الكلمة وجرّبت قليلا من فنون البلطجة والتشبيح إزاء بعض الاحرار.
      ليس خافيا مما سبق ذكره أنه تم فتح فصلا جديدا من كِتاب العبث الأمني بحقوق الشعب وحرياته,اذ انضافت اعتقال أبناء دعوة الاصلاح دون تبرير يقنع الرأي العام إلى فصول من الأزمات المستمرة المتمثلة بجزر محتلة وتركيبة سكانية مختلة وهوية تائهه وتعليم بلا رؤية واتحاد يتيم يبحث له عن صاحب, حتى أصبحنا نطالع كل يوم تطورات تلك القضايا في نشرات الأخبار وخطب الجمعة ومواقع التواصل الاجتماعي,فكأنما أريد لنا أن نبحر في محيط ليس له مرفأ.
       مما لا ريب فيه أن الدولة تمر في مخاض تغيير ثقافة وسلوك, وبناء صرح الحرية بأيدي وطنية خالصة ومخلصة للشعب والوطن , ولي في هذا ثلاث دعوات أولها لشعب الامارات الحبيب, من المهم أن تعلم أيها الشعب الخلوق الأصيل أن وقوفك مع مظلوم ومشاركتك لإرجاع حق وإصرارك على تنفيذ دستوروقانون ليس من باب الترف أوالفتنة والخروج على ولي الأمر كما يفسره البعض, بل ضرورة وعين والحكمة, فأنت  بذلك تحيي أبناءك بنور الكرامة والحرية وتورثها للأجيال القادمة لتستمتع وتدعو لك ,ودعوة أخرى لأحبتي أحرار الوطن اصبروا وصابروا ورابطوا فإن الضريبة عالية وتغيير ثقافة أمنية مستبدة تستحق التضحية بالنفيس من أجل الأنفس وهو الوطن والشعب, وأنتم ضمير الأمة ونبراس يقتدى به,وأصحاب حق والمستبد عدوه, وأنتم ناصري الحرية والمستبد قاتلها, فتبصروا طريقكم والتزموا الصبر والحكمة وارفعوا مطالبكم بسلمية,ودعوة أخيرة للسلطة الأمنية اعلموا أن من صفات المستبد كما عرفة الكواكبي:”غرور المرء برأيه والأنفة عن قبول النصيحة والاستقلال بالرأي والحقوق المشتركة, والمستبد تصرّف فرد أو جمع في حقوق قوم بالمشيئة بلا خوف “فهلا راجعت خططك أيها المستبد لتتخلص من تلك السمات؟
       مما أثار استغرابي وانا أتلمس تصريحات ومقالات ومقابلات  رئيس دعوة الاصلاح المرئية والمقروءة بأنها خلت من كل مايثير الفتنة أو يسقط هيبة أويقزّم قيادة, ورصّعها صاحبها بسمو خلق وهدوء منساب وحكمة نيّرة وإطراء لرئيس الدولة,واطّلعت على كتاباته في أتون الأزمة حيث أبناء دعوته ينكّل بهم ويجرّدون من حقوقهم الدستورية فرأيته ثابتا مرابطا لاتثيره مشاهد الظلم والضيم واستفزازات الأمن للتحول عن خطه السلمي المتزن.
      لا أختلف مع من ينادي بإدانة واعتقال الذين ارتكبوا الخطأ بحق الوطن فهي مهمة سياسية وأخلاقية,لكن من المهم أن تحصن تلك الإدانة والإعتقالات بمقومات السلطتين التشريعية والقضائية, وبيان عام وشافي للرأي العام يُعرّف خفايا الاعتقال مما يزيل الحيرة  ويَحُول دون تكرار الخطأ مرة أخرى,ولا أعرف متى تفيق السلطة السياسية في بلدي إلى هذه الحقيقة متخلية في ذلك عن حسابات ضيقّة وطموحات متعجلة وعدو وهمي في ظل سلوك يديره رجل أمن تحوّل بفعله من الخطأ إلى الخطيئة.
      أدري بأن ملف انتهاكات السلطات الأمنية في  وطني إزاء الشعب أكبر من أن يختزل في هذا المقال, ولا أعرف من يتبى ذلك ليعرضه لنا في مجلد نقرأه ونتدارسه ونتذكره بعد انتصار الحق وأهله على الاستبداد والإقصاء, ونعلّمه الأجيال القادمة وهي تستنشق نسيم الحرية والعدالة وتتلمس حقيقتها لا تسمع عنها,حينها فقط سيعرف الجميع قدرتضحياتكم أيها الأحرار…وشتان مابين الصمت على الإستبداد ومقاومته.



  •