احتراف صناعة الخصوم!

  •  
  • 2011-11-10
    الإمارات الان
    عندما يعجز المرء عن الفهم، أو لا يريد أن يفهم، وعندما يفقد المنطق والحكمة في التعامل مع المواقف والأفكار والمفكرين والوطنيين، فإن أسهل ما يقوم به هذا الضعيف العاجز: مواجهة الاختلاف والتنوع بفجور، والفكر بهذر، وقوة المنطق بمنطق العنف؛ فإذا به يوقد ويوقظ الفتنة، ويصنع الخصوم والخصومات التي تفتت المجتمع، وتنهش بناءه، وتفكك عراه..

    يكاد المرء يفقد القدرة على استيعاب قدرة هؤلاء على إحداث الشقاقات والخلافات، بين مكونات المجتمع، وبين الحاكم والشعب، وبين الرجل وقبيلته، وبين القبائل فيما بينها. فترى خصوما يخاصمون بعضهم، معظمهم لا يعرفون لماذا، وعلى ماذا؟ إلا أن رغبة فريق صغير في جهاز أمن الدولة يرغب في ذلك! 

    لا يهم هذه الشرذمة المعزولة حتى من جانب الأغلبية الخيرة الصامتة في هذا الجهاز، إلا أن تزرع كل يوم في ترابنا الطاهر خصومة كريهة، وتلوث هواءنا النقي بخصومة مقيتة، وتكدر عيشنا بخصومات لا تنتهي؛ فإذا بنا أمام عدد لا متناه من الخصومات المصطنعة والمفتعلة التي لا هدف لها سوء زيادة تباعد وتبلد أحاسيس الناس، ونشر التباغض والاحتقان، الذي سيقود يوما لصدام، لا سمح الله، ندفع جميعنا ثمنه! وكل ذلك، لأن فريقا في جهاز أمن الدولة مع بعض المنتفعين من شخصيات أنانية وتيارات غريبة التفكير، تسعى لإحكام قبضتها على مقاليد الأمور، وتوجيه مصالح دولة ومجتمع من مواطنين ومقيمين نحو مصالح فردية ذاتية غير مقدسة، وتعد شكلا من أشكال إساءة استخدام السلطة، التي تجرمها قوانين دولة الإمارات، ويأنفها شعبنا، ويكافحهها حكامنا..

    وفي النظر لأسباب صناعة الخصوم و رعاية الخصومات، لا تجد سببا واحدا منطقيا ومقنعا لهذا السلوك المشين، والسياسة الانتهازية، سوى اعتبار هذا

    الفريق أن: الاختلاف خلاف وشقاق، وأن التنوع خروج عن الجماعة، وشق لعصا الطاعة، وأن التمايز جريمة يعاقب عليها القانون، لها توسع السجون، ولها تسخر الإمكانيات الهائلة للحجر على العقول.. كيف تمنعون وطنيا: رجلا أو إمراة من التفكير؟! كيف تمنعون أو تحاصرون فكرا ليبراليا وقوميا ويساريا وإسلاميا؟! كيف تمنعون شعبا وجيلا إمارتيا واعيا قرر أن يفكر، وألا يسمح لأحد أن يفكر عنه؟!

    غاية القول، إذا كنتم تتقنون صناعة الخصومات والخصوم، فإننا بارعون في صناعة المحبة والمودة والوفاق والاتفاق، وإذا كنتم تتقنون صناعة الفتن، فإننا نتقن تطويقها ووأدها في مهدها وإحباطها... وانظروا في عواقب هذه السياسة الخاسرة، التي لن تعود بخير ولا نفع على أحد، سوى على الخصوم الحقيقيين للشعب الإماراتي والطامعين ببلادهم، في وقت أحوج ما نكون فيه، إلى التكاتف والاصطفاف في مواجهة هؤلاء الخصوم، ومزيد من عزل ذلك الفريق، ما لم يتدارك نفسه ويركب مع الإماراتيين، الوطنيين، وإلا فقد جعل من نفسه خصما في مواجهة الإماراتيين جميعا! والشعوب دائما تنتصر على خصومها مهما بلغت قوتهم، وأحكمت خططهم!

  •